إِلَى الْكِتَابِ وَ لَا يَحِلُّ لَنَا الْحَرْبُ وَ قَدْ دُعِينَا إِلَى حُكْمِ الْكِتَابِ فَعِنْدَ ذَلِكَ بَطَلَتِ الْحَرْبُ وَ وَضَعَتْ أَوْزَارَهَا فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ فَعِنْدَ ذَلِكَ حُكِّمَ الْحَكَمَانِ.
[يوم الهرير]
قَالَ نَصْرٌ وَ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ بِإِسْنَادِهِ قَالَ:: فَلَمَّا أَنْ كَانَ الْيَوْمُ الْأَعْظَمُ قَالَ أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ: وَ اللَّهِ مَا نَحْنُ لَنَبْرَحُ الْيَوْمَ الْعَرْصَةَ حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ لَنَا أَوْ نَمُوتَ.
فَبَادِرُوا الْقِتَالَ غُدْوَةً فِي يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الشِّعْرَى طَوِيلٍ شَدِيدِ الْحَرِّ[1] فَتَرَامَوْا حَتَّى فَنِيَتِ النَّبْلُ ثُمَّ تَطَاعَنُوا حَتَّى تَقَصَّفَتْ رِمَاحُهُمْ ثُمَّ نَزَلَ الْقَوْمُ عَنْ خُيُولِهِمْ فَمَشَى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضِ بِالسُّيُوفِ حَتَّى كُسِرَتْ جُفُونُهَا وَ قَامَتِ الْفُرْسَانُ فِي الرَّكْبِ ثُمَّ اضْطَرَبُوا بِالسُّيُوفِ وَ بِعُمُدِ الْحَدِيدِ فَلَمْ يَسْمَعِ السَّامِعُ إِلَّا تَغَمْغُمَ الْقَوْمِ وَ صَلِيلَ الْحَدِيدِ فِي الْهَامِ وَ تَكَادُمَ الْأَفْوَاهِ وَ كُسِفَتِ الشَّمْسُ وَ ثَارَ الْقَتَامُ وَ ضَلَّتِ الْأَلْوِيَةُ وَ الرَّايَاتُ[2] وَ مَرَّتْ مَوَاقِيتُ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ لَمْ يُسْجَدْ لِلَّهِ فِيهِنَّ إِلَّا تَكْبِيراً وَ نَادَتِ الْمَشِيخَةُ فِي تِلْكَ الْغَمَرَاتِ: يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ اللَّهَ اللَّهَ فِي الْحُرُمَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَ الْبَنَاتِ.
قَالَ جَابِرٌ: فَبَكَى أَبُو جَعْفَرٍ وَ هُوَ يُحَدِّثُنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ[3].
قَالَ: وَ أَقْبَلَ الْأَشْتَرُ عَلَى فَرَسٍ كُمَيْتٍ مَحْذُوفٍ قَدْ وَضَعَ مِغْفَرَهُ عَلَى قَرَبُوسِ السَّرْجِ وَ هُوَ يَقُولُ: اصْبِرُوا يَا مَعْشَرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَدْ حَمِيَ الْوَطِيسُ وَ رَجَعَتِ الشَّمْسُ مِنَ الْكُسُوفِ وَ اشْتَدَّ الْقِتَالُ وَ أَخَذَتِ السِّبَاعُ بَعْضُهَا بَعْضاً فَهُمْ
[1] في الأصل:« فباكروا القتال غدا يوما من أيّام الشعرى طويلا شديد الحر».
و أثبت ما في ح.
[2] في الأصل:« فى الرايات» وجهه من ح( 1: 185).
[3] في الأصل:« و هو يحدّثني» و أثبت ما في ح.