[خطبتان لعلي ع في حث أصحابه و قتال ابن الحنفية]
نَصْرٌ قَالَ: وَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ عَنْ مَالِكٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ: أَنَّ عَلِيّاً مَرَّ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ بِصِفِّينَ فِيهِمُ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ وَ هُمْ يَشْتِمُونَهُ وَ يَقْصِبُونَهُ[1] فَأَخْبَرُوهُ بِذَلِكَ فَوَقَفَ فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ: «انْهَدُوا إِلَيْهِمْ وَ عَلَيْكُمُ السَّكِينَةَ وَ سِيمَاءُ الصَّالِحِينَ وَ وَقَارُ الْإِسْلَامِ وَ اللَّهِ لَأَقْرَبُ قَوْمٍ مِنَ الْجَهْلِ بِاللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ قَوْمٌ قَائِدُهُمْ وَ مُؤَدِّبُهُمْ[2] مُعَاوِيَةُ وَ ابْنُ النَّابِغَةِ[3] وَ أَبُو الْأَعْوَرِ السُّلَمِيُّ وَ ابْنُ أَبِي مُعَيْطٍ شَارِبُ الْحَرَامِ وَ الْمَجْلُودُ حَدّاً فِي الْإِسْلَامِ وَ هُمْ أُولَاءِ يَقُومُونَ فَيَقْصِبُونَنِي وَ يَشْتِمُونَنِي وَ قَبْلَ الْيَوْمَ مَا قَاتَلُونِي وَ شَتَمُونِي وَ أَنَا إِذْ ذَاكَ أَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَ هُمْ يَدْعُونَنِي إِلَى عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ فَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَ قَدِيماً مَا عَادَانِي الْفَاسِقُونَ إِنَّ هَذَا هُوَ الْخَطْبُ الْجَلِيلُ أَنَّ فُسَّاقاً كَانُوا عِنْدَنَا غَيْرَ مَرْضِيَّيْنِ وَ عَلَى الْإِسْلَامِ وَ أَهْلِهِ مُتَخَوِّفِينَ أَصْبَحُوا وَ قَدْ خَدَعُوا[4] شَطْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَأَشْرَبُوا قُلُوبَهُمْ حُبَّ الْفِتْنَةِ فَاسْتَمَالُوا أَهْوَاءَهُمْ بِالْإِفْكِ وَ الْبُهْتَانِ وَ قَدْ نَصَبُوا لَنَا الْحَرْبَ وَ جَدُّوا فِي إِطْفَاءِ نُورِ اللَّهِ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ اللَّهُمَّ فَإِنَّهُمْ قَدْ رَدُّوا الْحَقَّ فَافْضُضْ جَمْعَهُمْ وَ شَتِّتْ كَلِمَتَهُمْ وَ أَبْسِلْهُمْ بِخَطَايَاهُمْ[5] فَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ وَ لَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ.
نَصْرٌ عَنْ نُمَيْرِ بْنِ وَعْلَةَ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ-: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ مَرَّ بِأَهْلِ رَايَةٍ فَرَآهُمْ لَا يَزُولُونَ عَنْ مَوْقِفِهِمْ فَحَرَّضَ النَّاسَ عَلَى قِتَالِهِمْ وَ ذُكِرَ
[1] القصب: العيب و الشتم، و مثله التقصيب.
[2] ح( 2: 285):« أقرب بقوم من الجهل قائدهم و مؤدبهم».
[3] يعني عمرو بن العاص. و اسم أمه« النابغة» و هي من بنى عنزة، كما في أول ترجمته من الإصابة 5877.
[4] في الأصل:« حتى خدعوا» و أثبت ما في ح( 2: 285).
[5] الإبسال: الإهلاك. و في الكتاب: أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا»