لَا تَحْسَبَنِّي كَأَقْوَامٍ مَلَكْتَهُمُ
طَوْعَ الْأَعِنَّةِ لَمَّا تَرْشَحُ الْعُذُرُ
وَ مَا عَلِمْتُ بِمَا أَضْمَرْتَ مِنْ حَنَقٍ
حَتَّى أَتَتْنِي بِهِ الرُّكْبَانُ وَ النُّذُرُ
فَإِنْ نَفِسْتَ عَلَى الْأَمْجَادِ مَجْدَهُمُ
فَابْسُطْ يَدَيْكَ فَإِنَّ الْخَيْرَ مُبْتَدِرُ
وَ اعْلَمْ بِأَنَّ عَلِيَّ الْخَيْرِ مِنْ نَفَرٍ
مِثْلِ الْأَهِلَّةِ لَا يَعْلُوهُمُ بَشَرٌ
لَا يَرْتَقِيَ الْحَاسِدُ الْغَضْبَانُ مَجْدَهُمُ[1]
مَا دَامَ بِالْحُزْنِ مِنْ صَمَّائِهَا حَجَرُ
بِئْسَ الْفَتَى أَنْتَ إِلَّا أَنَّ بَيْنَكُمَا
كَمَا تَفَاضَلَ ضَوْءُ الشَّمْسِ وَ الْقَمَرِ
وَ لَا إِخَالُكَ إِلَّا لَسْتَ مُنْتَهِياً
حَتَّى يَمَسَّكَ مِنْ أَظْفَارِهِ ظُفُرُ
لَا تَحْمَدَنَّ امْرَأً حَتَّى تُجَرِّبَهُ
وَ لَا تَذُمَّنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُهُ الْخُبْرُ
إِنِّي امْرُؤٌ قَلَّمَا أُثْنِي عَلَى أَحَدٍ
حَتَّى أَرَى بَعْضَ مَا يَأْتِي وَ مَا يَذَرُ
إِنِّي إِذَا مَعْشَرٌ كَانَتْ عَدَاوَتُهُمْ
فِي الصَّدْرِ أَوْ كَانَ فِي أَبْصَارِهِمْ خَزَرُ
جَمَّعْتُ صَبْراً جَرَامِيزِي بِقَافِيَةٍ[2]
لَا يَبْرَحُ الدَّهْرُ مِنْهَا فِيهِمُ أَثَرُ.
فَلَمَّا بَلَغَ هَذَا الشِّعْرُ مُعَاوِيَةَ قَالَ مَا أَرَاهُ إِلَّا قَدْ قَارَبَ.
[موقع عبد الله بن جعفر و بعض المعارك و الأشعار بصفين]
نَصْرٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ أَبِي شَقِيقٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ ذِي الْجَنَاحَيْنِ كَانَ يَحْمِلُ عَلَى الْخَيْلِ بِصِفِّينَ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ خُزَيْمَةَ فَقَالَ: هَلْ مِنْ فَرَسٍ؟ قَالَ: نَعَمْ خُذْ أَيَّ الْخَيْلِ شِئْتَ فَلَمَّا وَلَّى قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ: إِنْ يُصِبْ أَفْضَلَ الْخَيْلِ يُقْتَلْ قَالَ: فَمَا عَتَّمَ أَنْ أَخَذَ أَفْضَلَ الْخَيْلِ فَرَكِبَهُ وَ حَمَلَ عَلَى الَّذِي دَعَاهُ إِلَى الْبِرَازِ فَقَتَلَهُ الشَّامِيُّ.
وَ حَمَلَ غُلَامَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ جَمِيعاً أَخَوَانِ حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى سُرَادِقِ مُعَاوِيَةَ
[1] ح:« لا يجحد الحاسد الغضبان فضلهم».
[2] جمع جراميزه، إذا تجمع ليثب. فى الأصل:« بعافية» صوابه في ح. و أراد بالقافية الشعر يقوله في الهجو.