كَالْيَعَافِيرِ»[1] فَوَجَّهَتْ حِينَئِذٍ رَبِيعَةُ إِلَيْهِمْ تَيْمَ اللَّهِ وَ النَّمِرَ بْنَ قَاسِطٍ وَ عَنْزَةَ.
قَالُوا: فَمَشَيْنَا إِلَيْهِمْ مُسْتَلْئِمِينَ مُقَنِّعِينَ فِي الْحَدِيدِ وَ كَانَتْ عَامَّةُ قِتَالِ صِفِّينَ مَشْياً فَلَمَّا أَتَيْنَاهُمْ هَرَبُوا وَ انْتَشَرُوا انْتِشَارَ الْجَرَادِ قَالَ: فَذَكَرَتْ قَوْلَ الْأَشْتَرِ وَ فَرُّوا كَالْيَعَافِيرِ[2] فَرَجَعْنَا إِلَى أَصْحَابِنَا وَ قَدْ نَشَبَ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ أَهْلِ الشَّامِ وَ قَدِ اقْتَطَعَ أَهْلُ الشَّامِ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ بَعْضُهَا مِنْ رَبِيعَةَ فَأَحَاطُوا بِهَا فَلَمْ نَصِلْ إِلَيْهَا حَتَّى حَمَلْنَا عَلَى أَهْلِ الشَّامِ فَعَلَوْنَاهُمْ بِالْأَسْيَافِ حَتَّى انْفَرَجُوا لَنَا وَ أَفْضَيْنَا إِلَى أَصْحَابِنَا فَاسْتَنْقَذْنَاهُمْ وَ عَرَفْنَاهُمْ تَحْتَ النَّقْعِ بِسِيمَاهُمْ وَ عَلَامَتِهِمْ[3].
وَ كَانَتْ عَلَامَةُ أَهْلِ الْعِرَاقِ بِصِفِّينَ الصُّوفَ الْأَبْيَضَ قَدْ جَعَلُوهُ فِي رُءُوسِهِمْ وَ عَلَى أَكْتَافِهِمْ وَ شِعَارُهُمْ يَا اللَّهُ يَا أَحَدُ يَا صَمَدُ يَا رَبَّ مُحَمَّدٍ يَا رَحْمَانُ يَا رَحِيمُ وَ كَانَ عَلَامَةُ أَهْلِ الشَّامِ خِرَقاً صُفْراً[4] قَدْ جَعَلُوهَا عَلَى رُءُوسِهِمْ وَ أَكْتَافِهِمْ وَ كَانَ شِعَارُهُمْ نَحْنُ عِبَادُ اللَّهِ حَقّاً حَقّاً يَا لَثَارَاتِ عُثْمَانَ وَ كَانَتْ رَايَاتُ أَهْلِ الْعِرَاقِ سُوداً وَ حُمْراً وَ دُكْناً وَ بِيضاً وَ مُعَصْفَرَةً وَ مُوَرَّدَةً وَ الْأَلْوِيَةُ مَضْرُوبَةٌ دُكْنٌ وَ سُودٌ قَالَ: فَاجْتَلَدُوا بِالسُّيُوفِ وَ عُمُدِ الْحَدِيدِ قَالَ: فَمَا تَحَاجَزُوا حَتَّى حَجَزَ بَيْنَنَا سَوَادُ اللَّيْلِ قَالَ: وَ مَا نَرَى رَجُلًا مِنَّا وَ لَا مِنْهُمْ مُوَلِّياً.
[تسامح الفريقين عند التحاجز و حديث عمار و ذي الكلاع]
نَصْرٌ عُمَرُ حَدَّثَنِي صَدِيقُ أَبِي عَنِ الْإِفْرِيقِيِّ بْنِ أَنْعَمَ قَالَ:: كَانُوا عَرَباً يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَ إِنَّهُمْ لَحَدِيثُو عَهْدٍ بِهَا فَالْتَقَوْا فِي الْإِسْلَامِ وَ فِيهِمْ بَقَايَا تِلْكَ الْحَمِيَّةِ وَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ بَصِيرَةُ الدِّينِ وَ الْإِسْلَامِ فَتَصَابَرُوا[5] وَ اسْتَحْيَوْا مِنَ الْفِرَارِ حَتَّى كَادَتِ الْحَرْبُ تُبِيدُهُمْ وَ كَانُوا إِذَا تَحَاجَزُوا دَخَلَ هَؤُلَاءِ
[1] اليعافير: الظباء، واحدها يعفور.
[2] في الأصل:« كأنهم اليعافير» و أثبت ما في ح( 2: 271).
[3] في الأصل:« و عرفنا علامة الصوف». و أثبت ما في ح.
[4] في الأصل:« بيضا» و أثبت ما في ح.
[5] ح:« فتضاربوا».