عَلَيْهِ آخِراً ثُمَّ تَفَرَّقَ النَّاسُ وَ قَدْ نَفَذَتْ بَصَائِرُهُمْ فِي قِتَالِ عَدُوِّهِمْ فَتَأَهَّبُوا وَ اسْتَعِدُّوا.
[خطبة علي و التأهب للقتال]
نَصْرٌ عَمْرُو بْنُ شِمْرٍ[1] عَنْ مَالِكِ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ وَهْبٍ أَنَّ عَلِيّاً قَالَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ حَتَّى مَتَى لَا نُنَاهِضُ الْقَوْمَ بِأَجْمَعِنَا قَالَ فَقَامَ فِي النَّاسِ عَشِيَّةَ الثَّلَاثَاءِ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَالَ:
«الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَا يُبْرِمُ مَا نَقَضَ وَ لَا يَنْقُضُ مَا أَبْرَمَ وَ لَوْ شَاءَ مَا اخْتَلَفَ اثْنَانِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَ لَا مِنْ خَلْقِهِ وَ لَا تَنَازَعَتِ الْأُمَّةُ[2] فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِ وَ لَا جَحَدَ الْمَفْضُولُ ذَا الْفَضْلِ فَضْلَهُ وَ قَدْ سَاقَتْنَا وَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ الْأَقْدَارُ حَتَّى لَفَّتْ[3] بَيْنَنَا فِي هَذَا الْمَكَانِ فَنَحْنُ مِنْ رَبِّنَا بِمَرْأًى وَ مِسْمَعٍ فَلَوْ شَاءَ لَعَجَّلَ النَّقِمَةَ وَ لَكَانَ مِنْهُ التَّغْيِيرُ[4] حَتَّى يُكْذِبَ اللَّهُ الظَّالِمَ وَ يُعْلِمَ الْحَقَ[5] أَيْنَ مَصِيرُهُ وَ لَكِنَّهُ جَعَلَ الدُّنْيَا دَارَ الْأَعْمَالِ وَ جَعَلَ الْآخِرَةَ عِنْدَهُ دَارَ الْجَزَاءِ وَ الْقَرَارِ- لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَ يَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى أَلَا إِنَّكُمْ لَاقُوا الْعَدُوَّ غَداً إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَطِيلُوا اللَّيْلَةَ الْقِيَامَ وَ أَكْثِرُوا تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ وَ اسْأَلُوا اللَّهَ الصَّبْرَ وَ النَّصْرَ وَ الْقَوْهُمْ بِالْجِدِّ وَ الْحَزْمِ وَ كُونُوا صَادِقِينَ».
ثُمَّ انْصَرَفَ وَ وَثَبَ النَّاسُ إِلَى سُيُوفِهِمْ وَ رِمَاحِهِمْ وَ نِبَالِهِمْ يُصْلِحُونَهَا فَمَرَّ عَلَيْهِمْ كَعْبُ بْنُ جُعَيْلٍ التَّغْلِبِيُّ وَ هُوَ يَقُولُ:
أَصْبَحَتِ الْأُمَّةُ فِي أَمْرٍ عَجَبْ
وَ الْمُلْكُ مَجْمُوعٌ غَداً لِمَنْ غَلَبْ
[1] ح: «عمر بن سعد».
[2] ح «و لا تنازع البشر».
[3] في الأصل: «ألفت» و أثبت ما في ح. الطبريّ (6: 8): «فلفت».
[4] فيه إشارة إلى قول اللّه: (إن اللّه لا يغير ما بقوم حتّى يغيروا ما بأنفسهم) و في ح: «النصر» و أثبت ما في الأصل مطابقا ما في الطبريّ.
[5] ح فقط: «المحق».