و الاداة آلة فى ذلك قدم بحثهما فقال (طرفاه) اى المشبه و المشبه به (اما حسّيان كالخد و الورد) فى المبصرات (و الصوت الضعيف و الهمس) اى الصوت الذى اخفى حتى كأنه لا يخرج عن فضاء الفم فى المسموعات (و النكهة) و هى ريح الفم (و العنبر) فى المشمومات (و الريق و الخمر) فى المذوقات (و الجلد الناعم و الحرير) فى الملموسات.
و فى اكثر ذلك تسامح لان المدرك بالبصر مثلا انما هو لون الخد و الورد و بالشم رائحة العنبر و بالذوق طعم الريق و الخمر و باللمس ملاسة الجلد الناعم و الحرير و لينهما لانفس هذه الاجسام لكن اشتهر فى العرف ان يقال ابصرت الورد و شممت العنبر و ذقت الخمر و لمست الحرير (او عقليان كالعلم و الحياة) و وجه الشبه بينهما كونهما جهتى ادراك كذا فى المفتاح و الايضاح.
فالمراد بالعلم ههنا الملكة التى يقتدر بها على الادراكات الجزئية لانفس الادراك.
و لا يخفى انها جهة و طريق الى الادراك كالحياة.
و قيل وجه الشبه بينهما الادراك اذ العلم نوع من الادراك و الحياة مقتضية للحس الذى هو نوع من الادراك و فساده واضح لان كون الحياة مقتضية للحس لا يوجب اشتراكهما فى الادراك على ما هو شرط فى وجه الشبه.
و ايضا لا يخفى ان ليس المقصود من قولنا العلم كالحياة و الجهل كالموت ان العلم ادراك كما ان الحياة معها ادراكا بل ليس فى ذلك كثير فائدة كما فى قولنا العلم كالحس فى كونهما ادراكا (او مختلفان) بان يكون المشبه عقليا و المشبه به حسيا (كالمنية و السبع) فان المنية اى الموت عقلى لانه عدم الحياة عما من شانه الحياة و السبع حسى او بالعكس (و) ذلك مثل (العطر) الذى هو محسوس مشموم (و خلق كريم) و هو عقلى لانه كيفية نفسانية يصدر عنها الافعال بسهولة.
و الوجه فى تشبيه المحسوس بالمعقول ان يقدر المعقول محسوسا و يجعل كالاصل لذلك المحسوس على طريق المبالغة و الا فالمحسوس اصل للمعقول لان العلوم العقلية مستفادة من الحواس و منتهية اليها فتشبيه بالمعقول يكون من جعل الفرع