في التقدير إذ كأنه كان «مذرى» ثم ثني ، لم يمكنه مثل ذلك في «ثنايان» فكان
عليه أن يذكره ،
وذلك أن معنى «ثناء»
، لو استعمل : طرف الحبل ، وليس في الطرف الواحد معنى الثّني ، كما لم يمكن أن
يقال لمفرد «اثنان» : «اثن» ، إذ ليس في المفرد معنى الثني ، فالثنايان : طرفا
الحبل المثنيّ ، فالثني في مجموع الحبل ، لا في كل واحد من طرفيه ؛
وكان عليه ،
أيضا ، أن يذكر ههنا : هذان ، واللذان ، ونحوهما ، لأن ظاهر مذهبه ، كما ذكر في
شرح المفصل : أنها صيغ موضوعة للمثنى غير مبنية على الواحد ، وقال : ويدل عليه :
جواز تشديد نون «هذان» ، وأنهم لم يقولوا : ذيّان ، واللذيّان [١] ، فنحو ذان ، واللذان ، عنده ، في المثنى ، ينبغي أن
يكون مثل : عشرون ، في الجمع ؛ كلاهما صيغة موضوعة وان ثبت في الظاهر ما يوهم أنه
مفردها ؛
وانما أعرب
المثنى وجمع المذكر السالم بالحروف ، لأن الحركات استوفتها الآحاد ، مع أن في
آخرهما ما يصلح لأن يكون اعرابا من حروف المد ، ومن ثمّ ، أعرب المكسّر ، وجمع
المؤنث السالم بالحركات ، وانما أعربا هذا الاعراب المعيّن ، لأن الألف كان جلب [٢] قبل الاعراب في المثنى علامة للتثنية ، وكذا الواو في
الجمع ، علامة للجمع ، لمناسبته الألف بخفته لقلة عدد المثنى ، والواو بثقله لكثرة
عدد الجمع ، وهذا حكم مطرد في جميع المثنى والمجموع ، نحو : ضربا ، وضربوا ،
وأنتما ، وأنتموا ، وهما ، وهموا ، وكما ، وكموا [٣] ؛
ثم أرادوا
اعرابهما ، فان المثنى والمجموع متقدم [٤] ، لا محالة ، على اعرابهما ،
[١] لأن المفرد قد
صغر فيها وان كان التصغير فيه شاذا. وعدم تصغير المثنى يدل على انه صيغة مستقلة
كما قال.
[٢] سيأتي في باب خبر
كان : ان المصنف يختار وقوع خبرها فعلا ماضيا بدون تقدير قد ، وقال انه لا حاجة
إلى تقديرها في نحو قوله تعالى (وَلَقَدْ
كانُوا عاهَدُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ)
وسيذكر آراء النحاة في ذلك ويناقشها.
[٣] اقتصر على ذكر
الضمير المتصل بنحو أكرمتكما وأكرمتكمو ، لتحديد المراد من التمثيل.