نص في المقصود ، لا بما يحتمله وغيره على السواء ، فكيف إذا كان غير
المقصود راجحا والمقصود مرجوحا.
فإن قلت :
فإلام توجه قوله : ولم أطلب إذا لم يكن موجها إلى قليل؟ قلنا : قيل إلى المجد
المحذوف المدلول عليه بقوله بعد :
ولكنما أسعى
لمجد مؤثل
وقد يدرك
المجد المؤثل أمثالي
والمعنى : لو
كان سعيي لتحصيل أقل ما يعاش به ، لكنت أكتفي بذلك لأنه قد حصل لي ذلك ، ولم أكن
أطلب المجد.
والأظهر أن
مفعول : لم أطلب محذوف نسيا ، كما في قوله تعالى : (يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ)[١] ، أي له القبض والبسط ، وكذا ههنا : معنى البيت : لو
كان سعيي لقليل من المال لمنعني ما وجدته منه عن السعي ، ولم يكن مني طلب ، مع ذلك
الوجدان ، بل كنت أستقر ، وأطمئن ، ولكني أسعى لتحصيل مجد مؤثل أي مؤصل مدّخر
لنفسي ولعقبي ، يرجع إليه عند التفاخر.
واعلم أنه قد
يتنازع الفعلان المتعديان إلى ثلاثة ، خلافا للجرمي ، نحو : أعلمت وأعلمني زيد
عمرا قائما ، على إعمال الثاني وحذف مفاعيل الأول ، وأعلمني ، وأعلمته إياه زيد
عمرا قائما على إعمال الأول وإضمار مفاعيل الثاني ، والأولى أن يقال : وأعلمته ذلك
، قصدا للاختصار ، إذ مفعول «علمت» في الحقيقة ، كما ذكرنا ، هو مضمون المفعولين ،
فيكون «ذلك» إشارة إليه ، وإنما منعه الجرمي لعدم السماع.
وكذا : يتنازع
فعلا تعجب ، خلافا لبعضهم ، نظرا إلى قلة تصرف فعل التعجب ، تقول : ما أحسن ، وما
أكرم زيدا ، على إعمال الثاني وحذف مفعول الأول ، وما أحسن وما أكرمه زيدا ، على
أعمال الأول [٢].