350 أَ لَيْسَ
قَالَ الرَّسُولُ (ص)، وَ قَدْ تَغَرْغَرَ: ايتُونِي بِدَوَاةٍ
______________________________ كَانَ مُلْحِداً لَا يَعْتَقِدُ النُّبُوَّةَ، وَ نَقَلُوا عَنْهُ فِي فَلَتَاتِ كَلَامِهِ، وَ سَقَطَاتِ أَلْفَاظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ:
قَالَ: وَ رَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي [أَخْبَارِ] الْمُوَفَّقِيَّاتِ، وَ هُوَ غَيْرُ مُتَّهَمٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ، وَ لَا مَنْسُوبٍ إِلَى اعْتِقَادِ الشِّيعَةِ، لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ حَالِهِ مِنْ مُجَانَبَةِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَ الِانْحِرَافِ عَنْهُ- قَالَ الْمُطَرِّفُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَكَانَ أَبِي يَأْتِيهِ، يَتَحَدَّثُ مَعَهُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ إِلَيَّ فَيَذْكُرُ مُعَاوِيَةَ وَ عَقْلَهُ، وَ يَعْجَبُ بِمَا يَرَى مِنْهُ إِذْ جَاءَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَأَمْسَكَ عَنِ الْعَشَاءِ، وَ رَأَيْتُهُ مُغْتَمّاً فَانْتَظَرْتُهُ سَاعَةً ظَنَنْتُ أَنَّهُ لِأَمْرٍ حَدَثَ فِينَا، فَقُلْتُ: مَا لِى أَرَاكَ مُغْتَمّاً مُنْذُ اللَّيْلَةِ؟ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، جِئْتُ مِنْ عِنْدَ أَكْفَرِ النَّاسِ وَ أَخْبَثِهِمْ، قُلْتُ: وَ مَا ذَاكَ؟
قَالَ: قُلْتُ لَهُ وَ قَدْ خَلَوْتُ بِهِ. إِنَّكَ قَدْ بَلَغْتَ سِنّاً يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَوْ أَظْهَرْتَ عَدْلًا، وَ بَسَطْتَ خَيْراً فَإِنَّكَ قَدْ كَبِرْتَ، وَ لَوْ نَظَرْتَ إِلَى إِخْوَتِكَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، فَوَصَلْتَ أَرْحَامَهُمْ فَوَاللَّهِ مَا عِنْدَهُمْ الْيَوْمَ شَيْءٌ تَخَافُهُ، وَ إِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَبْقَى لَكَ ذِكْرُهُ وَ ثَوَابُهُ؛ فَقَالَ: هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ! أَيَّ ذِكْرٍ أَرْجُو بَقَاءَهُ! مَلَكَ أَخُو تَيْمٍ فَعَدَلَ وَ فَعَلَ مَا فَعَلَ، فَمَا عَدَا أَنْ هَلَكَ حَتَّى هَلَكَ ذِكْرُهُ؛ إِلَّا أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: أَبُو بَكْرٍ؛ ثُمَّ مَلَكَ أَخُو عَدِيٍّ، وَ اجْتَهَدَ وَ شَمَّرَ عَشْرَ سِنِينَ؛ فَمَا عَدَا أَنْ هَلَكَ حَتَّى هَلَكَ ذِكْرُهُ؛ إِلَّا أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: عُمَرُ؛ وَ إِنَّ ابْنَ أَبِي كَبْشَةَ لَيُصَاحُ بِهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ: «أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ» فَأَيُّ عَمَلٍ يَبْقَى؛ وَ أَيُّ ذِكْرٍ يَدُومُ بَعْدَ هَذَا لَا أَباً لَكَ! لَا وَ اللَّهِ إِلَّا دَفْناً دَفْناً.
وَ ذَكَرَ الْإِرْبِلِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كَشْفِ الْغُمَّةِ ج 1، ص 418، ط/ ايران، وَ ذَكَرَ أَيْضاً الْعَلَّامَةُ الْمَجْلِسِيُّ (ره) فِي الْبِحَارِ ج 33، ص 169.
أَقُولُ: انْظُرِ الْأَخْبَارَ الْمُوَفَّقِيَّاتِ لِلزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ ط بَغْدَادَ، ص 577.