فَقَالَ لِي: يَا عَلِيُّ إِنَّكَ تُدْعَى إِلَى مِثْلِهَا، فَتُجِيبُ وَ أَنْتَ مُكْرَهٌ[1]، وَ
[1].- انْظُرْ دَلَائِلَ النُّبُوَّةِ لِلْبَيْهَقِيِّ ج 4 ص 105 وَ فِيهِ: قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ: فَجَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ: هَاتِ اكْتُبْ بَيْنَنَا وَ بَيْنَكَ كِتَاباً، فَدَعَا الْكَاتِبَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ: اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَقَالَ سُهَيْلٌ: أَمَّا الرَّحْمَنُ فَوَ اللَّهِ مَا أَدْرِي مَا هُوَ وَ لَكِنْ بِسْمِكَ اللَّهُمَّ كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: وَ اللَّهِ لَا نَكْتُبُهَا إِلَّا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ اكْتُبْ بِسْمِكَ اللَّهُمَّ ثُمَّ قَالَ: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ سُهَيْلٌ:
وَ اللَّهِ لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا صَدَدْنَاكَ عَنِ الْبَيْتِ، وَ لَكِنْ اكْتُبْ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ إِنِّي لَرَسُولُ اللَّهِ وَ إِنْ كَذَّبْتُمُونِي، اكْتُبْ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ فِي شَرْحِ نَهْجِ الْبَلَاغَةِ ج 2 ص 232: قَالَ نَصْرٌ: فَلَمَّا رَضِيَ أَهْلُ الشَّامِ بِعَمْرٍو وَ أَهْلُ الْعِرَاقِ بِأَبِي مُوسَى، أَخَذُوا فِي سَطْرِ كِتَابِ الْمُوَادَعَةِ، وَ كَانَتْ صُورَتُهُ:
« هَذَا مَا تَقَاضَى عَلَيْهِ عَلِيٌّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ» فَقَالَ مُعَاوِيَةُ بِئْسَ الرَّجُلُ أَنَا إِنْ أَقْرَرْتُ أَنَّهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ قَاتَلْتُهُ! وَ قَالَ عَمْرٌو: بَلْ نَكْتُبُ اسْمَهُ وَ اسْمَ أَبِيهِ؛ إِنَّمَا هُوَ أَمِيرُكُمْ، فَأَمَّا أَمِيرُنَا فَلَا. فَلَمَّا أُعِيدَ إِلَيْهِ الْكِتَابُ أَمَرَ بِمَحْوِهِ، فَقَالَ الْأَحْنَفُ: لَا تَمْحُ اسْمَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَنْكَ؛ فَإِنِّي أَتَخَوَّفُ إِنْ مَحَوْتَهَا أَلَّا تَرْجِعَ إِلَيْكَ أَبَداً، فَلَا تَمْحُهَا. فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: إِنَّ هَذَا الْيَوْمَ كَيَوْمِ الْحُدَيْبِيَةِ حِينَ كُتِبَ الْكِتَابُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ:
هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو، فَقَالَ سُهَيْلٌ: لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ لَمْ أُقَاتِلْكَ، وَ لَمْ أُخَالِفْكَ، إِنِّي إِذاً لَظَالِمٌ لَكَ إِنْ مَنَعْتُكَ أَنْ تَطُوفَ بِبَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَ أَنْتَ رَسُولُهُ وَ لَكِنْ اكْتُبْ: مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ: يَا عَلِيُّ، إِنِّي لَرَسُولُ اللَّهِ، وَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَ لَنْ يَمْحُوَ عَنِّي الرِّسَالَةَ كِتَابِي لَهُمْ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، فَاكْتُبْهَا وَ امْحُ مَا أَرَادَ مَحْوَهُ، أَمَا إِنَّ لَكَ مِثْلَهَا سَتُعْطِيهَا وَ أَنْتَ مُضْطَهَدٌ. قَالَ نَصْرٌ: وَ قَدْ رَوَى أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ عَادَ بِالْكِتَابِ إِلَى عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَمْحُوَ اسْمَهُ مِنْ إِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَصَّ عَلَيْهِ وَ عَلَى مَنْ حَضَرَ قِصَّةَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ الْكِتَابَ أَنَا كَتَبْتُهُ بَيْنَنَا وَ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ، وَ الْيَوْمَ أَكْتُبُهُ إِلَى أَبْنَائِهِمْ، كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ كَتَبَهُ إِلَى آبَائِهِمْ شَبَهاً وَ مِثْلًا، فَقَالَ عَمْرٌو: سُبْحَانَ اللَّهِ، أَ تُشَبِّهُنَا بِالْكُفَّارِ، وَ نَحْنُ مُسْلِمُونَ! فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا بْنَ النَّابِغَةِ، وَ مَتَى لَمْ تَكُنْ لِلْكَافِرِينَ وَلِيّاً وَ لِلْمُسْلِمِينَ عَدُوّاً! فَقَامَ عَمْرٌو، وَ قَالَ: وَ اللَّهِ لَا يَجْمَعُ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ مَجْلِسٌ بَعْدَ الْيَوْمِ. فَقَالَ عَلِيٌّ: أَمَا وَ اللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَظْهَرَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَ عَلَى أَصْحَابِكَ.