فَاعْلَمْ: أَنَّهَا كَانَتْ أَثَرَةً شَحَّتْ عَلَيْهَا نُفُوسُ قَوْمٍ [وَ سَخَتْ عَنْهَا نُفُوسُ] آخَرِينَ، فَإِنْ يَرْتَفِعْ عَنَّا مِحَنُ الْبَلْوَى نَحْمِلْهُمْ مِنَ الْحَقِّ عَلَى مَحْضِهِ، وَ إِنْ تَكُنْ
______________________________ الْمُفِيدُ (ره):
وَ رَوَى نَقَلَةُ الْآثَارِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي أَسَدٍ وَقَفَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْعَجَبُ فِيكُمْ يَا بَنِي هَاشِمٍ: كَيْفَ عُدِلَ بِهَذَا الْأَمْرِ عَنْكُمْ وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ نَسَباً وَ سَبَباً وَ نَوْطاً بِالرَّسُولِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ) وَ فَهْماً لِلْكِتَابِ؟ فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ): يَا ابْنَ دُودَانَ إِنَّكَ لَقَلِقُ الْوَضِينِ ضَيِّقٌ تُرْسِلُ غَيْرَ ذِي مُسْكٍ لَكَ ذَمَامَةُ الصِّهْرِ وَ حَقُّ الْمَسْئَلَةِ وَ قَدْ استعملت [اسْتَعْلَمْتَ]، فَاعْلَمْ كَانَتْ أَثَرَةً سَنَحَتْ بِهَا نُفُوسُ قَوْمٍ وَ شَحَّتْ عَلَيْهَا نُفُوسُ آخَرِينَ.
فَدَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ فِي حُجُرَاتِهِ، وَ هَلُمَّ الْخَطْبَ فِي أَمْرِ ابْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَلَقَدْ أَضْحَكَنِي الدَّهْرُ بَعْدَ إِبْكَائِهِ وَ لَا غَرْوَ وَ يَئِسَ الْقَوْمُ، اللَّهَ مِنْ حَظِّي وَ سُنَّتِي وَ حَاوَلُوا الْإِدْهَانَ فِي ذَاتِ اللَّهِ وَ هَيْهَاتَ ذَلِكَ مِنِّي وَ قَدْ جَدَحُوا بَيْنِي وَ بَيْنَهُمْ شُرْباً وَبِيئاً فَإِنْ تَخْسَرْ عَنَّا مِحَنُ الْبَلْوَى أَحْمِلْهُمْ مِنَ الْحَقِّ عَلَى مَحْضِهِ وَ إِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ. الْإِرْشَادَ لِلشَّيْخِ الْمُفِيدِ ط بيروت ص 156.
ثُمَّ إِنَّ ابْنَ دُودَانَ هُوَ الرَّجُلُ الْأَسَدِيُّ الَّذِي سُئِلَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَ اسْتَعْلَمَهُ، وَ إِلَيْكَ كَلَامَ ابْنِ أَبِي الْحَدِيدِ فِي شَرْحِ النَّهْجِ ج 9 ص 242 عِنْدَ شَرْحِ قَوْلِهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) «وَ لَكَ بَعْدَ ذِمَامَةِ الصِّهْرِ»:
لِأَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ زَوْجَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، كَانَتْ أَسَدِيَّةً وَ هِيَ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ بْنِ رَبَابٍ بْنِ يَعْمَرَ بْنِ صَبْرَةَ بْنِ مُرَّةَ كَثِيرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ دُودَانَ بْنِ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ. وَ أُمُّهَا أُمَيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، فَهِيَ عَمَّةُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ)، وَ الْمُصَاهَرَةُ الْمُسَارُّ إِلَيْهَا هِيَ هَذِهِ.