الواجب عليّأن أبقى في إحرامي، أي أنحر هديي بمنى كما أمر اللّه سبحانه و
تعالى، وأما أنتم فمن لم يسق الهدي منكم فإنّ عليه أن يحلّإحرامه، واحسبوها
عمرةً ثمّ احرموا للحجّمرّة أُخرى.
وقد كره النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خلال فترة الحجّ أن يمكث في
دار أحد، ولذا فإنّه كان يأمر بضرب ـ أي بإعداد ـ خيمة له خارج مكّة. وقصد النبي
(صلى الله عليه وآله وسلم) عرفات في اليوم الثامن من ذي الحجّة عن طريق منى
التي توقّف فيها إلى طلوع الشمس من اليوم التاسع، فركب بعيره نحو عرفات،
ونزل في خيمة أُعدَّت له في نمرة، وألقى هناك خطاباً تاريخياً هاماً وهو على
ناقته، في جموع بلغت 100 ألف.
وبدأ خطابه قائلاً: «أيّها النّاس اسمعوا قولي واعقلوه، فإنّي لا أدري لعلي لا
ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبداً، أيـّها النّاس، إنّ دماءَكم وأموالكم ـ
وأعراضَكم ـ عليكم حرام إلى أن تلقوا ربّكم كحرمة شهركم هذا وكحرمة بلدكم
هذا، وكحرمة يومكم هذا».
وقد ألغى في هذا الخطاب عادات الثأر الجاهلية المشوَومة بادئاً بأقربائه،
مثل الانتقام، والخيانة، أي أداء الاَمانة، والربا، كما استوصى بالنساء خيراً.
«وقد تركتُ فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً، أمراً بيناً كتاب اللّه
وسنّة نبيّه. والمسلمُ أخو المسلم، والمسلمون إخوة، ولا نبي بعدي ولا أُمّة بعدكم.
ألا كلّشيء من أمر الجاهلية موضوعٌ تحت قدمي».
ثمّ سار بعد الغروب إلى المزدَلَفة، ووقف فيها من الفجر إلى طلوع الشمس،
وتوجه في اليوم العاشر إلى منى وأدّى مناسكها، ثمّتوجه نحو مكّة لاَداء بقية
المناسك.
وكان الاِمام علي (عليه السلام) يومذاك في اليمن، فعلم بتوجّه النبي «صلى
الله عليه وآله وسلم» إلى مكّة، فخرج مع جنوده للمشاركة في الموسم واصطحب