عقله حينئذ منها إلى المطلوب ، أعني معرفة
المجهول وحل المشكل.
فتمر على العقل ـ إذن ـ بهذا التحليل خمسه ادوار :
١ ـ مواجهة المشكل (المجهول).
٢ ـ معرفة نوع المشكل ، فقد يواجه المشكل ولا يعرف
نوعه.
٣ ـ حركة العقل من المشكل الى المعلومات المخزونة
عنده.
٤ ـ حركة العقل ـ ثانياً ـ بين المعلومات ، للفحص
عنها وتأليفات ما يناسب المشكل ويصلح لحله.
٥ ـ حركة العقل ـ ثالثاً ـ من المعلوم الذي استطاع
تأليفه مما عنده الى المطلوب.
وهذه الادوار الثلاثة الاخيرة او الحركات الثلاث
هي الفكر او النظر ، وهذا معنى حركة العقل بين المعلوم والمجهول.
وهذه الأدوار الخمسة قد تمر على الإنسان في تفكيره
وهو لا يشعر بها ، فإن الفكر يجتازها غالباً بأسرع من لمح البصر ، على أنها لا يخلو
منها إنسان في أكثر تفكيراته [١] ، ولذا قلنا أن الإنسان
مفطور على التفكير.
نعم من له قوة الحدس يستغني عن الحركتين الأوليين
، وإنما ينتقل رأساً بحركة واحدة من المعلومات إلى المجهول. وهذا معنى (الحدس) ، فلذلك يكون صاحب الحدس
القوي أسرع تلقياً للمعارف والعلوم ، بل هو من نوع الإلهام وأول درجاته. ولذلك أيضاً
جعلوا القضايا (الحدسيات)
من أقسام البديهيات ، لأنها تحصل بحركة واحدة مفاجئة
من المعلوم إلى المجهول عند مواجهة المشكل ، من دون كسب وسعي فكري ، فلم يحتج إلى معرفة
نوع المشكل [٢] ولا إلى الرجوع إلى المعلومات