نام کتاب : وضوء النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) نویسنده : الشهرستاني، السيد علي جلد : 1 صفحه : 411
بعد عرضنا السريع لنشوء المذاهب الأربعة، نستطيع أن نفهم و بكلّ وضوح أنّ روايات الوضوء المرويّة في هذه الكتب هي نسخ متكرّرة من الوضوء العثمانيّ و الفقه المخالف لمدرسة التعبّد و ما ذهب إليه عليّ بن أبي طالب و ابن عبّاس.
لأنّ الفقه و الرواية- كما قلنا- نشئا و ترعرعا في إحضان الحكومتين الأمويّة و العبّاسيّة، و قد وقفت على دورهم التخريبيّ في الشريعة و احتمائهم بالفقهاء و بعض التابعين، لإبعاد الناس عن الأخذ بفقه عليّ، إذ انّهم كانوا يتصوّرون أنّ الأخذ بفقه عليّ هو مقدّمة لإبعادهم عن الحكم و تقرّب الناس إلى أهل بيت النبوّة، و هذا ما كان يزعج الحكّام و لا يرضيهم، فتراهم يؤكّدون على الأخذ بكلام ابن عمر و إن خالف عليّا و ابن عبّاس. و إليك نصّا آخر:
دخل مالك بن أنس على المنصور فقال له: يا مالك مالي أراك تعتمد على قول ابن عمر دون أصحاب رسول اللّٰه؟
فقال مالك: يا أمير المؤمنين إنّه آخر من بقي عندنا من أصحاب رسول اللّٰه (ص) فاحتاج الناس إليه، فسألوه و تمسّكوا بقوله.
فقال: يا مالك عليك بما تعرف أنّه الحقّ عندك، و لا تقلّدنّ عليّا و ابن عبّاس [1].
بعد هذا لا يمكننا الاطمئنان إلى مرويّات هذه الكتب بلا تحقيق و تمحيص سندا و دلالة و زيادة و نقيصة، و بدون معرفة الملابسات التاريخيّة لصدور الأحكام، لأنّ ما تحتوي عليه ممّا طالته السياسة. و قد عرفت أنّها تريد تدوين ما ترتضيه و ترك ما لا ترتضيه.
الوضوء الثلاثيّ الغسليّ في العصر العبّاسيّ
بعد أن أخذنا صورة عن تأسيس المذاهب الأربعة، و وقفنا على أهداف الحكّام من احتواء الفقهاء، و تدوين الفقه و حصره بهذه المذاهب، لا بدّ من ملاحظة السير التاريخيّ لمسألة الوضوء في هذا العصر، و لا بدّ من نقل آراء علماء
[1] انظر: الإمام الصادق و المذاهب الأربعة 1: 504- 505.
نام کتاب : وضوء النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) نویسنده : الشهرستاني، السيد علي جلد : 1 صفحه : 411