بأنفسهم تركوا هذه الروايات، و أعرضوا عنها،
و لم يعملوا بها، و هذا بنفسه امارة إجمالية كاشفة عن خلل فيها، و هو العلّة
الوحيدة في ضعف تلك الاخبار و أقوى حجّة عليه، فانّ الخبر كلّما كان صريحا من حيث
الدلالة و صحيحا من حيث السند فهو يضعف و يسقط بسبب الاعراض عنه، لا سيّما هذا
الإعراض، اى أعراض ناقليه و رواته عنه، فإنّه يوجب الوهن فيه جدّا، و ما نحن فيه
كذلك، فإنّها مع كونها صريحة الدلالة، صحيحة السند، لم يعمل ناقلوها بها و نحن
نفهم انّ عدم اعتنائهم بها و افتاءهم بالطهارة كان لأجل نكتة ثابتة و جهة محقّقة
عندهم، حملتهم على الإفتاء بخلافها كعلمهم بصدورها تقيّة، أو وجود قرينة في مقام
الدلالة أو غير ذلك من الأمور و النكات.
و الحاصل: انّها صدرت عنهم عليهم السلام لمصلحة من المصالح فهي ساقطة
عن الحجيّة و حينئذ تبقى أخبار النجاسة سالمة بلا معارض، فيعمل بها، و قد ثبت انّ
أدلّة القائل بالطهارة أصلا و آية و رواية لم تنفع شيئا و لا دلالة أصلا و انّ كلّ
هذه الآثار لا تثبت المقصود الذي يحاوله هذا القائل.
كلمة من بعض الأجلّاء
بقي الكلام هنا في ما أورده بعض المعاصرين- عند التعرّض للروايات
التي يستظهر منها الطهارة و الإيراد عليها- بقوله: نعم تشكل موثّقة عمّار
المتضمّنة تغسيل النصراني للمسلم إذا لم يوجد مسلم أو مسلمة ذات رحم و تغسيل
النصرانية للمسلمة كذلك فانّ البناء على وجوب التغسيل بالماء النجس بعيد جدّا
لانّه يزيد الميّت نجاسة، و حمله على التغسيل بالكثير أبعد، و لأجل ذلك ردّ
الموثّقة المذكورة بعضهم لمخالفتها للقواعد لكنّ المشهور بين القدماء