وَ لَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَ
لَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ[1] و قال
ايضا:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَ
النَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ
فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ[2] الى غيرها من الآيات الشريفة، فالمسلمون تخيّلوا حرمة أيّ ارتباط و
علقة بينهم و بين اليهود و النصارى حتّى الاقتصادىّ منها و توهّموا انّ اشتراء
أمتعتهم أيضا حرام ممنوع عنه بحيث لو حملت يهود خيبر مثلا الحنطة و الشعير و
الحبوب إلى المدينة لكان يحرم عليهم شراؤها منهم و كذا استشعروا حرمة أيّ عنوان من
عناوين المعاملات الرائجة الناقلة إذا حدث بينهم و بين اليهود و النصارى فلذا
نبّههم اللّه على خطأهم و أعلن إباحة هذه الوجوه بقوله الكريم وَ طَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَ
طَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ فأجاز التصرف فيما انتقل
عنهم إلى المؤمنين بوجه شرعي و من المؤمنين إليهم كذلك و أحلّ المعاشرة معهم و لم
يعلن اليأس الباتّ منهم بل ابرز التسامح الإسلامي.
هل الطعام بمعنى الإطعام؟
بقي في المقام انّه ذكر بعض انّ الطعام في الآية الكريمة بمعنى
الإطعام فمعناها أنّ إطعام أهل الكتاب لكم جائز و اطعامكم لهم جائز.
و فيه انّه و ان أمكن ذلك على حسب القواعد الأدبيّة بل و له شواهد
ايضا من الآيات الكريمة [1] الّا انّه خلاف الظاهر فانّ الظاهر من الطعام و
المفهوم منه
______________________________
[1]. أقول: فمنها قوله تعالى في سورة البقرة الآية 180 وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ، و منها قوله تعالى في سورة الحاقّة الآية 34 و سورة الماعون
الآية 3 وَ لا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ 69: 34 و منها قوله في سورة و الفجر الآية 19
وَ لا تَحَاضُّونَ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ.