و يؤيّد ما ذكرنا- من انّ المعيار هو الوثوق بالخبر نفسه- انّه لو لم
يكن الراوي لرواية خاصّة موثوقا به لكن رأينا العلماء- الذين هم خبرة الروايات و
العارفون بصحيحها و سقيمها و غثّها و سمينها- قد عملوا بها وجب الأخذ بها و كلّما
ازدادت ضعفا من حيث السند ازدادت قوة من حيث الدلالة.
تذنيب البحث
قد استظهرنا سابقا من الاخبار الشريفة نجاسة أهل الكتاب و من لحق
بهم، لكونها ظاهرة بل صريحة في ذلك، لكنّها لم تكن متعرّضة لغيرهم و لم تذكر غير
اليهود و النصارى و المجوس فما حكم غيرهم؟ و بعبارة أخرى لو فرض تعرّض الآية لخصوص
المشركين و هذه الروايات لأهل الكتاب فأيّ دليل يدلّ على نجاسة غيرهم من الكفّار؟
______________________________
فيمن واقع امرأته قبل طواف النساء فقال الصادق عليه السلام: ليس
عليك شيء فأخبر هو الأصحاب بذلك فقالوا له: اتّقاك و أعطاك من عين كدرة راجع ح 5.
و قال المولى الوحيد البهبهاني قدّس سرّه في فوائده (ص 314
ملاحظات): قد ورد في الاخبار انّ الشيعة كانوا يقولون في الحديث الذي وافق
التّقيّة: أعطاك من جراب النورة قيل: مرادهم تشبيه المعصوم عليه السلام بالعطّار و
كانوا يبيعون أجناس العطّارين بجربان و كان النورة ايضا يبيعون من جرابها- بجراب-
فإذا أعطى التقية قالوا أعطاك من جرابها: اى مالا يؤكل و لو أكل لقتل، و الفائدة
فيه دفع القاذورات و أمثالها و قيل: انّ النقباء لمّا خرجوا في أواخر زمن بنى
أميّة في الخراسان و أظهروا الدعوة لبني العبّاس بعثوا إلى إبراهيم الإمام منهم
بقبول الخلافة فقبل و هو في المدينة و كانت هي و سائر البلدان في تحت سلطنة بنى
أميّة و حكمهم سوى خراسان إذ ظهر فيها النقباء و كانوا يقاتلون و يحاربون و لمّا
اطّلع بنو أميّة بقبول إبراهيم الخليفة أخذوه و حبسوه و قتلوه خفية و وضعوا جراب
النورة في حلقه فحنقوه به فصار ضرب المثل اشارة بالنسبة الى من ترك التقية و
تاركها و كان هذا الكلام من الشيعة الى هذه الحكاية و مثلا مأخوذا منها.