أحدها انّ الفقيه الهمداني رضوان اللّه عليه ادّعى انصراف الإجماعات
القائمة على نجاسة الكافر الى غير المرتدّ منهم، فإنّه عند البحث عن كفر النواصب
قال: فمتى حكمنا بكفرهم هل يثبت بذلك نجاستهم أم لا؟ فيه تردّد نظرا الى انّ عمدة
مستنده الإجماع، و ربّما يتأمل في تحقّقه على نجاسة كلّ كافر نظرا الى انصراف
معاقد الإجماعات المحكيّة و كلمات المجمعين الى غير المرتدّ انتهى كلامه رفع
مقامه.
و هذا عندنا غير وجيه فانّ الانصراف الذي ادّعاه انصراف بدويّ يزول
بأدنى تأمّل و أقلّ توجّه و التفات. و هذا نظير انصراف طهارة الملح الى الملح
المتداول المتعارف الذي كان من بدو الأمر و من حين نشئه ملحا، و انصرافها عمّا إذا
كان كلبا فصار ملحا في المملحة فإنّ هذا الانصراف ابتدائي و يزول بالتوجّه و
الالتفات إلى إمكان تبدّل الكلب في المملحة ملحا و هناك يقطع بعدم الفرق بين
القسمين من الملح، و الحاصل انّه لا فرق في الحكم بنجاسة الكافر بين ما إذا كان
كافرا أصليّا غير مسبوق بالإسلام و بين ما إذا كان كفره مسبوقا به اعنى المرتدّ.
ثانيها: في ميزان ثبوت الرّدة فنقول انّها تثبت بالشاهدين أو الإقرار
و لا تثبت بغير ذلك و تفصيل هذه المطالب موكول الى كتاب الشهادات و الحدود.
ثالثها: انّه لو علم أحد، ارتداد شخص بان سمع منه كلمة الردّة مثلا يجوز
له قتله ان لم يخف على نفسه، و يعامله معاملة النجس و مع ذلك فلو قتله فعليه إثبات
ارتداده بطريق شرعي و انّ قتله له كان بذلك السبب لا لجهة أخرى و لو قتله و لم
يتمكّن من إثبات ذلك يقتل لانّه قتل من لم يثبت كونه مهدور الدم.
لا يقال: انّ النبي مع علمه بارتداد بعض الناس لم يقتلهم.