فقال معاوية: لو كان الناس كلهم أولدهم أبو سفيان لما كان فيهم إلا كيسا رشيدا. فقال صعصعة: قد أولد الناس من كان خيرا من أبي سفيان، فأولد الأحمق والمنافق والفاجر والفاسق والمعتوه والمجنون، آدم أبو البشر. فخجل معاوية [1].
(248)
صعصعة ومعاوية
عن هشام بن السائب، عن أبيه، قال: خطب الناس يوما معاوية بمسجد دمشق، وفي الجامع يومئذ من الوفود علماء قريش وخطباء ربيعة ومدارهها وصناديد اليمن وملوكها.
فقال معاوية: إن الله تعالى أكرم خلفاءه فأوجب لهما الجنة وأنقذهم من النار، ثم جعلني منهم، وجعل أنصاري أهل الشام الذابين عن حرم الله، المؤيدين بظفر الله، المنصورين على أعداء الله.
قال: كان في الجامع من أهل العراق الأحنف بن قيس وصعصعة بن صوحان، فقال الأحنف لصعصعة: أتكفيني أم أقوم إليه أنا؟ فقال صعصعة للأحنف: بل أكفيكه أنا، ثم قام صعصعة فقال: يا ابن أبي سفيان! تكلمت فأبلغت ولم تقصر دون ما أردت، وكيف يكون ما تقول، وقد غلبتنا قسرا، وملكتنا تجبرا، ودنتنا بغير الحق، واستوليت بأسباب الفضل علينا. فأما إطراؤك لأهل الشام: فما رأيت أطوع لمخلوق وأعصى لخالق منهم! قوم ابتعت منهم دينهم وأبدانهم بالمال، فإن أعطيتهم حاموا عليك ونصروك، وإن منعتهم قعدوا عنك ورفضوك.
قال معاوية: اسكت يا ابن صوحان! فوالله لولا أني لم أتجرع غصة غيظ