إن الدنيا لمفسدة الدين، ومسلبة اليقين [1] وإنها رأس [2] الفتن، وأصل المحن، وإن خير المال ما اكتسب ثناء وشكرا، وأوجب ثوابا وأجرا، وإن أخيب الناس سعيا رجل أخلق [3] بدنه في طلب أمانيه [4]، ولم تسعده المقادير على ما أراده واجتهد فيه، فخرج من الدنيا بحسراته، وقدم على الآخرة بتبعاته، والكيس من كان لشهوته مانعا، ولنزوته [5] عند الحفيظة قامعا.
يا نفس:
إن تقوى الله عمارة الدين، وعماد اليقين، وإنها لمفتاح الفلاح [6]، ومصباح النجاح، وهي في اليوم الحرز والجنة، وفي غد الطريق إلى الجنة، مسلكها واضح، وسالكها رابح، وإن المتقين ذهبوا بعاجل الدنيا والآخرة، شاركوا أهل الدنيا في الدنيا ولم يشاركهم [7] أهل الدنيا في الآخرة [8]، بالتقوى