إن الجنازة عبرة للبصير، وفيها تنبية وتذكير [1]، وأهل الغفلة لا تزيدهم مشاهدتها إلا قسوة، ولا توليهم مباشرتها إلا صبوة، ومنهم من يضمر التوبة، وترك الحوبة، فيغشى من الجزع عليه، وقد خضبت الدموع خديه.
شعر:
عجبت لمن يبكي على فقد غيره * * * دموعا ولا يبكي على فقد نفسه [2]
ولو كان له عقل لبكى على نفسه * * * وما فرط في يومه وأمسه
شعر:
ويبكي على الموتى ويترك نفسه * * *ويزعم أن قد قل عنهم عزاؤه
فلو كان ذا رأي وعقل وفطنة * * * لكان عليه لا عليهم بكاؤه
يا نفس:
ثم بعد أن يسير، تنسي ذلك الأمر الخطير، فتحيي شهوات السيئات، وتميتي قربات الحسنات، ولقد أحسن ورام [3] قدس الله سره في هذه الأبيات.
[2] في أ، ب: ولا يبكي على فقده دما، وما أثبتناه من ج، د، وهو الأنسب، لموافقته للقافية.
[3] قال الشيخ منتجب الدين في الفهرست 195: الأمير الزاهد أبو الحسين ورام بن أبي فراس بحلة، من أولاد مالك بن الحارث الأشتر النخعي صاحب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام). عالم فقيه صالح، شاهدته بحلة ووافق الخبر الخبر. قرأ على شيخنا الإمام سديد الدين محمود الحمصي (رحمه الله) بحلة وراعاه.