والقول بالرجعة يعد عند أهل السنَّة من المستنكرات التي يستقبح الاعتقاد بها، وكان المؤلِّفون منهم في رجال الحديث يعدّون الاعتقاد بالرجعة من الطعون في الراوي والشناعات عليه التي تستوجب رفض روايته وطرحها، ويبدو أنّهم يعدّونها بمنزلة الكفر والشرك بل أشنع، فكان هذا الاعتقاد من أكبر ما تُنبز به الشيعة الامامية، ويشنَّع به عليهم.
ولا شكّ في أنّ هذا من نوع التهويلات التي تتّخذها الطوائف الاسلامية ـ فيما غبر ـ ذريعة لطعن بعضها في بعض، والدعاية ضده. ولا نرى في الواقع ما يبرّر هذا التهويل؛ لاَنّ الاعتقاد بالرجعة لا يخدش في عقيدة التوحيد، ولا في عقيدة النبوّة، بل يؤكد صحّةالعقيدتين؛ إذ الرجعة دليل القدرة البالغة لله تعالى كالبعث والنشر، وهي من الاَُمور الخارقة للعادة التي تصلح أن تكون معجزة لنبينا محمد وآل بيته صلى الله عليه وعليهم، وهي عيناً معجزة إحياء الموتى التي كانت للمسيح (عليه السلام)، بل أبلغ هنا؛ لاَنها بعد أن يصبح الاَموات رميماً (قَالَ مَنْ يُحيي العِظمَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُل يُحييهَا الَّذِي أَنشأَهَا أَوَّلَ مَرةٍ وَهُو بِكُلِّ خَلقٍ عَليِمٌ)[1].
وأمّا من طعن في الرجعة باعتبار أنّها من التناسخ الباطل، فلاَنّه لم يفرّق بين معنى التناسخ وبين المعاد الجسماني، والرجعة من نوع المعاد الجسماني؛ فإنّ معنى التناسخ هو انتقال النفس من بدن إلى بدن آخر منفصل عن الاَول، وليس كذلك معنى المعاد الجسماني؛ فإنّ معناه رجوع نفس البدن الاَول بمشخّصاته النفسية، فكذلك الرجعة.
وإذا كانت الرجعة تناسخاً فإنّ إحياء الموتى على يد عيسى عليه