لست الان بصدد ترجمة حياة مؤلف هذه الرسائل المحقق الكركي، بل أؤجل ذلك لوقت آخر، لأن ترجمة حياة هذا العلم الألمعي، و دفع ما أثيرت حوله من شبهات، و ما قيل عنه و عن كتبه، يتطلب وقتا كبيرا و مراجعة لمصادر كثيرة، لكي تأتي الدراسة نافعة، فإني اسئل اللّه سبحانه و تعالى أن يوفقني لكتابة دراسة شاملة و كاملة حول حياة هذا العالم الجليل.
و ما هنا ليس الا لمحة عن حياته المباركة، بل كلمه تعريف جرت العادة بكتابتها في مقدمة كل رسالة أو كتاب محقق.
فهو الفقيه الأعظم، وجه وجوه الطائفة، وحيد عصره، و فريد دهره، قدوة المحققين، الشيخ الجليل نور الدين أبو الحسن علي بن الحسين بن عبد العالي العاملي الكركي، الملقب تارة بالشيخ العلائي، و أخرى بالمحقق الثاني.
و لد (رحمه اللّه) في كرك نوح سنة 868 ه، و درس فيها الفقه الجعفري، حيث كانت الكرك آنذاك معقلا للشيعة يتواجد فيها الكثير من العلماء و طلاب العلوم الدينية، ففيها درس الشهيد الثاني زين الدين الجبعي، و الشيخ حسين بن عبد الصمد- والد الشيخ البهائي- و غيرهما من فطاحل العلماء.
ثمَّ هاجر الكركي إلى مصر لدراسة المذاهب الأربعة، حيث حضر على كبار علمائهم، و أجازه أعاظم مشايخهم. و يتضح ذلك من أجازته للمولى برهان الدين أبي إسحاق إبراهيم بن زيد الدين أبي الحسن علي الخانيساري الأصفهاني، حيث يصف فيها الكتب التي درسها هناك، و من أجازه منهم [1].