الثالث: استصحاب الحال، فإن الإجماع من جميع أهل الإسلام على وجوب الجمعة [1] حال ظهور الامام (عليه السلام) بشرط حضوره أو نائبه ثابت، فيستصحب الى زمان الغيبة الى أن يحصل الدليل الناقل و هو منتف.
فان قيل: شرط ظهور الإمام فينتفي.
قلنا: ممنوع، و لم لا يجوز أن يكون شرطا لتحتم الوجوب، فيختص بالانتفاء بانتفائه.
فإن قيل: يلزم بحكم الاستصحاب القول بالوجوب العيني.
قلنا: هناك أمران، أحدهما: أصل الوجوب في الجملة، و الثاني: تحتمه و تعين الفعل، و الذي يلزم استصحابه هو الأول دون الثاني، لما عرفت من أن تحتم الوجوب مشروط بظهور الإمام إجماعا منا، فاذا انتفى شرط كيف يستصحب.
فان قيل: فيلزم بمقتضى الاستصحاب شرعية الجمعة حال الغيبة و ان لم يكن من له النيابة حاضرا.
قلنا: لم ينعقد الإجماع على وجوبها حال ظهوره (عليه السلام) مطلقا، بل يشترط حضوره أو نائبه إجماعا منا، فهذا هو الذي يلزم استصحابه دون ما عداه، و يزيده بيانا أن اشتراط الجمعة بالإمام أو نائبه إجماعي كما عرفت، فان كان شرط الصحة فظاهر، و ان كان شرط الوجوب فاذا انتفى لم يلزم بقاء الجواز كما عرفته، على أن بقاء الجواز هنا لم يعقل و ان جوزناه في مواضع أخرى، لأن الجواز الثابت هو الجواز بالمعنى الأخص، لأن الفصل المقيد للجنس- و هو عدم الحرج الذي يقتضي فصل الوجوب- لا يستلزم رجحانا ليصدق الاستحباب، لعدم استلزام الأعم الأخص، و لانتفائه بالأصل و بانتفاء ما يقتضيه، و الجواز بالمعنى الأخص لا ينتظم مع العبارة.