قَالَ: فَتَحَوَّلَ الْحَصَى دُرّاً، فَقُوِّمَتْ دُرَّةٌ مِنْ تِلْكَ الدُّرَرِ، فَإِذَا هِيَ تَفِي بِكُلِّ مَا يَمْلِكُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ.
وَ هَبَطَ جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، فَقَالَ: يَا أَحْمَدُ، إِنَّ اللَّهَ (تَعَالَى) يُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَ يَقُولُ: قُمْ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَإِنَّ مَثَلَهُ مَثَلُ الْكَعْبَةِ يُحَجُّ إِلَيْهَا، وَ لَا تَحُجُّ إِلَى أَحَدٍ.
إِنَّ اللَّهَ (تَعَالَى) أَمَرَنِي أَنْ آمُرَ رِضْوَانَ خَازِنَ الْجَنَّةِ[1] أَنْ يُزَيِّنَ الْأَرْبَعَ جِنَانٍ، وَ أَمَرَ شَجَرَةَ طُوبَى وَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى أَنْ تَحْمِلَا[2] الْحُلِيَّ وَ الْحُلَلَ، وَ أَمَرَ الْحُورَ الْعِينَ أَنْ يَتَزَيَّنَ، وَ أَنْ يَقِفْنَ تَحْتَ شَجَرَةِ طُوبَى وَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى[3]، وَ أَمَرَ مَلَكاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ، يُقَالُ لَهُ (رَاحِيلُ) وَ لَيْسَ فِي الْمَلَائِكَةِ أَفْصَحُ مِنْهُ لِسَاناً، وَ لَا أَعْذَبُ مَنْطِقاً، وَ لَا أَحْسَنُ وَجْهاً، أَنْ يَحْضُرَ إِلَى سَاقِ الْعَرْشِ.
فَلَمَّا حَضَرَتِ الْمَلَائِكَةُ وَ الْمَلَكُ أَجْمَعُونَ، أَمَرَنِي أَنْ أَنْصِبَ مِنْبَراً مِنَ النُّورِ، وَ أَمَرَ رَاحِيلُ- ذَلِكَ الْمَلَكَ- أَنْ يَرْقَى، فَخَطَبَ خُطْبَةً بَلِيغَةً مِنْ خُطَبِ النِّكَاحِ، وَ زَوَّجَ عَلِيّاً مِنْ فَاطِمَةَ بِخُمُسِ الدُّنْيَا لَهَا وَ لِوُلْدِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَ كُنْتُ أَنَا وَ مِيكَائِيلُ شَاهِدَيْنِ، وَ كَانَ وَلِيُّهَا اللَّهَ (تَعَالَى).
وَ أَمَرَ شَجَرَةَ طُوبَى وَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى أَنْ تَنْثُرَا مَا فِيهِمَا[4] مِنَ الْحُلِيِّ وَ الْحُلَلِ وَ الطِّيبِ، وَ أَمَرَ الْحُورَ أَنْ يَلْقِطْنَ ذَلِكَ، وَ أَنْ يَفْتَخِرْنَ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَ قَدْ أَمَرَكَ اللَّهُ أَنْ تُزَوِّجَهُ بِفَاطِمَةَ فِي الْأَرْضِ، وَ أَنْ تَقُولَ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلِي فِي الْقُرْآنِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ* بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ[5] وَ مَا سَمِعْتَ فِي كِتَابِي: وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً
[1] في« ط»: الجنان.
[2] في« م»: يحملنّ.
[3]( أن تحملا الحليّ ... و سدرة المنتهى) ليس في« ع».
[4] في« ع، م»: ينثرن ما فيهنّ.
[5] الرّحمن 55: 19- 20.