مِنْ ذَلِكَ الْوَادِي، فَقُلْتُ: بَلَى لَوْ لَحِقُوا الْجَبَلَ الَّذِي يَلِي الْوَادِيَ سَلِمُوا وَ تَمَلَّكُوا جَيْشَ الْجَبَلِ فَقَلِقَ وَ أَخَذَ بِيَدِي، وَ قَالَ: اللَّهَ اللَّهَ يَا أَبَا الْحَسَنِ فِي جُيُوشِ الْمُسْلِمِينَ فَأَرِنِيهِمْ كَمَا ذَكَرْتَ أَوْ حَذِّرْهُمْ إِنْ قَدَرْتَ وَ لَكَ مَا تَشَاءُ مِنْ خَلْعِ نَفْسِي مِنْ هَذَا الْأَمْرِ وَ رَدِّهِ إِلَيْكَ فَأَخَذْتُ عَلَيْهِ عَهْدَ اللَّهِ وَ مِيثَاقَهُ إِنْ رَقَيْتُ بِهِ الْمِنْبَرَ وَ كَشَفْتُ عَنْ بَصَرِهِ وَ أَرَيْتُهُ جُيُوشَهُ فِي الْوَادِي وَ أَنَّهُ يَصِيحُ إِلَيْهِم فَيَسْمَعُونَ مِنْهُ وَ يَلْجَأُونَ إِلَى الْجَبَلِ وَ يَظْفَرُونَ بِجَيْشِ الْجَبَلِ يَخْلَعُ نَفْسَهُ وَ يُسَلِّمُ إِلَيَّ حَقِّي، فَقُلْتُ لَهُ: قُمْ يَا شَقِيُّ، وَ اللَّهِ لَا وَفَيْتَ بِهَذَا الْعَهْدِ وَ الْمِيثَاقِ كَمَا لَمْ تَفِ لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِي بِمَا أَخَذْنَاهُ عَلَيْكَ مِنَ الْعَهْدِ وَ الْمِيثَاقِ وَ الْبَيْعَةِ فِي جَمِيعِ الْمَوَاطِنِ، فَقَالَ لِي: بَلَى وَ اللَّهِ فَقُلْتُ لَهُ: سَتَعْلَمُ أَنَّكَ مِنَ الْكَافِرِينَ، وَ رَقِيتُ الْمِنْبَرَ فَدَعَوْتُ بِدَعَوَاتٍ وَ سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يُرِيَهُ مَا قُلْتُ وَ مَسَحْتُ عَلَى عَيْنَيْهِ وَ كَشَفْتُ عَنْهُ غِطَاءَهُ فَنَظَرَ إِلَى سَارِيَةَ وَ سَائِرِ الْجَيْشِ وَ جَيْشِ الْجَبَلِ وَ مَا بَقِيَ إِلَّا الْهَزِيمَةُ لِجَيْشِهِ، فَقُلْتُ لَهُ: صِحْ يَا عُمَرُ إِنْ شِئْتَ، قَالَ: يُسْمَعُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، يُسْمَعُ وَ يَبْلُغُ صَوْتُكَ إِلَيْهِمْ، فَصَاحَ الصَّيْحَةَ الَّتِي سَمِعْتُمُوهَا: يَا سَارِيَةُ الْجَإِ الْجَبَلَ، فَسَمِعُوا صَوْتَهُ وَ لَجَأُوا إِلَى الْجَبَلِ فَسَلِمُوا وَ ظَفِرُوا بِجَيْشِ الْجَبَلِ فَنَزَلَ ضَاحِكاً كَمَا رَأَيْتُمُوهُ وَ خَاطَبْتُهُ وَ خَاطَبَنِي بِمَا سَمِعْتُمُوهُ.
قَالَ جَابِرٌ: آمَنَّا وَ صَدَّقْنَا وَ شَكَّ آخَرُونَ إِلَى وُرُودِ الْبَرِيدِ بِحِكَايَةِ مَا حَكَاهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ أَرَاهُ عُمَرَ وَ نَادَى بِصَوْتِهِ فَكَادَ أَكْثَرُ الْعَوَامِّ الْمُرْتَدِّينَ أَنْ يَعْبُدُوا ابْنَ الْخَطَّابِ وَ جَعَلُوا هَذَا مَنْقَباً لَهُ وَ اللَّهِ مَا كَانَ إِلَّا مُنْقَلِباً
. فكان هذا من دلائل مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام).