بَعْدَ الْمَوْتِ الْمُتَكَلِّمُ بَعْدَ حَسْرَةِ الْفَوْتِ أَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَنْتَ بِعَفْوِهِ أَمْ مِنْ أَهْلِ النَّارِ بِعَدْلِهِ فَقَالَ يَا سَلْمَانُ أَنَا مِمَّنْ أَنْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ بِعَفْوِهِ وَ كَرَمِهِ وَ أَدْخَلَهُ جَنَّتَهُ بِرَحْمَتِهِ فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ الْآنَ يَا عَبْدَ اللَّهِ صِفْ لِيَ الْمَوْتَ كَيْفَ وَجَدْتَهُ وَ مَا ذَا لَقِيتَ مِنْهُ وَ مَا رَأَيْتَ وَ مَا عَايَنْتَ قَالَ مَهْلًا يَا سَلْمَانُ فَوَ اللَّهِ إِنَّ قَرْضاً بِالْمَقَارِيضِ وَ نَشْراً بِالْمَنَاشِيرِ لَأَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ غُصَصِ الْمَوْتِ وَ لَسَبْعُونَ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ أَهْوَنُ عَلَيَّ مِنْ نَزْعَةٍ مِنْ نَزَعَاتِ الْمَوْتِ فَقَالَ سَلْمَانُ مَا كَانَ حَالُكَ فِي دَارِ الدُّنْيَا قَالَ اعْلَمْ أَنِّي كُنْتُ فِي دَارِ الدُّنْيَا مِمَّنْ أَلْهَمَنِيَ اللَّهُ تَعَالَى الْخَيْرَ وَ كُنْتُ أَعْمَلُ بِهِ وَ أُؤَدِّي فَرَائِضَهُ وَ أَتْلُو كِتَابَهُ وَ أَحْرِصُ فِي بِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَ أَجْتَنِبُ الْمَحَارِمَ وَ أَنْزِعُ عَنِ الْمَظَالِمِ وَ أَكُدُّ اللَّيْلَ وَ النَّهَارَ فِي طَلَبِ الْحَلَالِ خَوْفاً مِنْ وَقْفَةِ السُّؤَالِ فَبَيْنَا أَنَا فِي أَلَذِّ الْعَيْشِ وَ غِبْطَةٍ وَ فَرَحٍ وَ سُرُورٍ إِذْ مَرِضْتُ وَ بَقِيتُ فِي مَرَضِي أَيَّاماً حَتَّى انْقَضَتْ مِنَ الدُّنْيَا مُدَّتِي وَ قَرُبَ مَوْتِي فَأَتَانِي عِنْدَ ذَلِكَ شَخْصٌ عَظِيمُ الْخِلْقَةِ فَظِيعُ الْمَنْظَرِ فَوَقَفَ مُقَابِلَ وَجْهِي لَا إِلَى السَّمَاءِ صَاعِداً وَ لَا إِلَى الْأَرْضِ نَازِلًا فَأَشَارَ إِلَى بَصَرِي فَأَعْمَاهُ وَ إِلَى سَمْعِي فَأَصَمَّهُ وَ إِلَى لِسَانِي فَأَخْرَسَهُ فَصِرْتُ لَا أُبْصِرُ وَ لَا أَسْمَعُ فَعِنْدَ ذَلِكَ بَكَى أَهْلِي وَ أَعْوَانِي وَ ظَهَرَ خَبَرِي إِلَى إِخْوَانِي وَ جِيرَانِي فَقُلْتُ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ مَنْ أَنْتَ يَا هَذَا الَّذِي أَشْغَلْتَنِي مِنْ مَالِي وَ أَهْلِي وَ وُلْدِي فَقَالَ أَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ أَتَيْتُكَ لِأَنْقُلَكَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَةِ فَقَدِ انْقَطَعَتْ مُدَّتُكَ وَ جَاءَتْ مَنِيَّتُكَ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ يُخَاطِبُنِي إِذْ أَتَاهُ شَخْصَانِ وَ هُمَا أَحْسَنُ خَلْقِ اللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَحْسَنَ مِنْهُمَا فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِي وَ الْآخَرُ عَنْ شِمَالِي فَقَالا لِي السَّلَامُ عَلَيْكَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَكَاتُهُ قَدْ جِئْنَاكَ بِكِتَابِكَ فَخُذْهُ الْآنَ وَ انْظُرْ مَا فِيهِ فَقُلْتُ لَهُمْ أَيَّ كِتَابِ لِي أَقْرَؤُهُ قَالا نَحْنُ الْمَلَكَانِ اللَّذَانِ كُنَّا مَعَكَ فِي دَارِ الدُّنْيَا نَكْتُبُ مَا لَكَ وَ مَا عَلَيْكَ فَهَذَا كِتَابُ عَمَلِكَ فَنَظَرْتُ فِي كِتَابِ الْحَسَنَاتِ وَ هُوَ بِيَدِ الرَّقِيبِ فَسَرَّنِي مَا فِيهِ وَ مَا رَأَيْتُ مِنَ الْخَيْرِ فَضَحِكْتُ عِنْدَ ذَلِكَ وَ فَرِحْتُ فَرَحاً شَدِيداً وَ نَظَرْتُ إِلَى كِتَابِ السَّيِّئَاتِ وَ هُوَ بِيَدِ الْعَتِيدِ فَسَاءَنِي بِمَا رَأَيْتُ وَ أَبْكَانِي فَقَالا لِي أَبْشِرْ فَلَكَ الْخَيْرُ ثُمَّ دَنَا مِنِّي الشَّخْصُ الْأَوَّلُ