[فصل مناظرة يحيى البرمكي و هشام بن الحكم]
(فصل)
وَ أَخْبَرَنِي الشَّيْخُ أَدَامَ اللَّهُ عِزَّهُ قَالَ: سَأَلَ يَحْيَى بْنُ خَالِدٍ الْبَرْمَكِيُّ بِحَضْرَةِ الرَّشِيدِ هِشَامَ بْنَ الْحَكَمِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَالَ لَهُ أَخْبِرْنِي يَا هِشَامُ عَنِ الْحَقِّ هَلْ يَكُونُ فِي جِهَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ قَالَ هِشَامٌ لَا قَالَ فَخَبِّرْنِي عَنْ نَفْسَيْنِ اخْتَصَمَا فِي حُكْمٍ فِي الدِّينِ وَ تَنَازَعَا وَ اخْتَلَفَا هَلْ يَخْلُوَانِ مِنْ أَنْ يَكُونَا مُحِقَّيْنِ أَوْ مُبْطِلَيْنِ أَوْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُبْطِلًا وَ الْآخَرُ مُحِقّاً فَقَالَ لَهُ هِشَامٌ لَا يَخْلُوَانِ مِنْ ذَلِكَ وَ لَيْسَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا مُحِقَّيْنِ عَلَى مَا قَدَّمْتُ مِنَ الْجَوَابِ قَالَ لَهُ يَحْيَى بْنُ خَالِدٍ فَخَبِّرْنِي عَنْ عَلِيٍّ ع وَ الْعَبَّاسِ لَمَّا اخْتَصَمَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ فِي الْمِيرَاثِ أَيُّهُمَا كَانَ الْمُحِقَّ مِنَ الْمُبْطِلِ إِذْ كُنْتَ لَا تَقُولُ إِنَّهُمَا كَانَا مُحِقَّيْنِ وَ لَا مُبْطِلَيْنِ.
قَالَ هِشَامٌ فَنَظَرْتُ فَإِذَا إِنَّنِي إِنْ قُلْتُ بِأَنَّ عَلِيّاً ع كَانَ مُبْطِلًا كَفَرْتُ وَ خَرَجْتُ عَنْ مَذْهَبِي وَ إِنْ قُلْتُ إِنَّ الْعَبَّاسَ كَانَ مُبْطِلًا ضَرَبَ الرَّشِيدُ عُنُقِي وَ وَرَدَتْ عَلَيَّ مَسْأَلَةٌ لَمْ أَكُنْ سُئِلْتُ عَنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَ لَا أَعْدَدْتُ لَهَا جَوَاباً فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع وَ هُوَ يَقُولُ لِي يَا هِشَامُ لَا تَزَالُ مُؤَيَّداً بِرُوحِ الْقُدُسِ مَا نَصَرْتَنَا بِلِسَانِكَ فَعَلِمْتُ أَنِّي لَا أُخْذَلُ وَ أَنَّ لِي الْجَوَابَ فِي الْحَالِ فَقُلْتُ لَهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَحَدِهِمَا خَطَأً وَ كَانَا جَمِيعاً مُحِقَّيْنِ وَ لِهَذَا نَظِيرٌ قَدْ نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ فِي قِصَّةِ دَاوُدَ ع حَيْثُ يَقُولُ اللَّهُ جَلَّ اسْمُهُ وَ هَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ إِلَى قَوْلِهِ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ[1] فَأَيُّ الْمَلَكَيْنِ كَانَ مُخْطِئاً وَ أَيُّهُمَا كَانَ مُصِيباً أَمْ تَقُولُ إِنَّهُمَا كَانَا مُخْطِئَيْنِ فَجَوَابُكَ فِي ذَلِكَ جَوَابِي بِعَيْنِهِ فَقَالَ يَحْيَى لَسْتُ أَقُولُ إِنَّ الْمَلَكَيْنِ أَخْطَئَا بَلْ أَقُولُ إِنَّهُمَا أَصَابَا وَ ذَلِكَ أَنَّهُمَا
[1]- ص/ 21- 22.