ع قد بلغ من فضله في الشجاعة أنها قد صارت تفخر بقتله من قتل منها و تنفي العار عنه بإضافته إليه و هذا لا يكون إلا و قد سلم الجميع له و اصطلحوا على إظهار العجز عنه.
وَ قَدْ رَوَى أَهْلُ السِّيَرِ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ع لَمَّا قَتَلَ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ نُعِيَ إِلَى أُخْتِهِ فَقَالَتْ لَمْ يَعْدُ يَوْمَهُ عَلَى يَدِ كُفْوٍ كَرِيمٍ لَا رَقَأَتْ دَمْعَتِي إِنْ هَرَقْتُهَا عَلَيْهِ قَتَلَ الْأَبْطَالَ وَ بَارَزَ الْأَقْرَانَ وَ كَانَتْ مَنِيَّتُهُ عَلَى يَدِ كُفْوٍ كَرِيمٍ مَا سَمِعْتُ بِأَفْخَرَ مِنْ هَذَا يَا بَنِي عَامِرٍ ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقُولُ
أَسَدَانِ فِي ضِيقِ الْمَكَرِّ تَصَاوَلَا
وَ كِلَاهُمَا كُفْوٌ كَرِيمٌ بَاسِلٌ
فَتَخَالَسَا مُهَجَ النُّفُوسِ كِلَاهُمَا
وَسَطَ الْمَدَارِ مُخَاتِلٌ وَ مُقَاتِلٌ
وَ كِلَاهُمَا حَضَرَ الْقِرَاعَ حَفِيظَةً
لَمْ يُثْنِهِ عَنْ ذَاكَ شُغْلٌ شَاغِلٌ
فَاذْهَبْ عَلَيَّ وَ مَا ظَفِرْتَ بِمِثْلِهِ
قَوْلٌ سَدِيدٌ لَيْسَ فِيهِ تَحَامُلٌ
فَالثَّأْرُ عِنْدِي يَا عَلِيُّ فَلَيْتَنِي
أَدْرَكْتُهُ وَ الْعَقْلُ مِنِّي كَامِلٌ
ذَلَّتْ قُرَيْشٌ بَعْدَ مَقْتَلِ فَارِسٍ
فَالذُّلُّ مُهْلِكُهَا وَ خِزْيٌ شَامِلٌ.
ثُمَّ قَالَتْ وَ اللَّهِ لَا ثَأَرَتْ قُرَيْشٌ بِأَخِي مَا حَنَّتِ النِّيبُ.
وَ قَدْ كَانَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ افْتَخَرَ لِلْإِسْلَامِ بِقَتْلِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ وُدٍّ فَقَالَ فِي ذَلِكَ أَقْوَالًا كَثِيرَةً مِنْهَا
أَمْسَى الْفَتَى عَمْرُو بْنُ عَبْدٍ يَبْتَغِي
بِجُنُوبِ يَثْرِبَ غَارَةً لَمْ تُنْظَرْ
فَلَقَدْ وَجَدْتَ سُيُوفَنَا مَشْهُورَةً
وَ لَقَدْ رَأَيْتَ جِيَادَنَا لَمْ تَقْصُرْ
وَ لَقَدْ لَقِيتَ غَدَاةَ بَدْرٍ عُصْبَةً
ضَرَبُوكَ ضَرْباً غَيْرَ ضَرْبِ الْحُسَّرِ
أَصْبَحْتَ لَا تُدْعَى لِيَوْمِ عَظِيمَةٍ
يَا عَمْرُو أَوْ لِجَسِيمِ أَمْرٍ مُنْكَرِ.