و [إن] أول قتيل قتله الله عناق، وكان مجلسها جريبا في جريب [2] وكان لها عشرون إصبعا، في كل إصبع ظفران مثل المنجلين [3] فسلط الله عليها أسدا كالفيل، وذئبا كالبعير، ونسرا مثل البغل فقتلوها [4] وقد قتل الله الجبابرة على أفضل أحوالهم وآمن ما كانوا، وأمات هامان وأهلك فرعون، وقد قتل عثمان.
ألا وإن بليتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث الله نبيه [5] صلى الله عليه وآله، والذي بعثه بالحق لتبلبلن بلبلة،
[2] الجريب - بفتح الجيم - ويجمع على أجربة وجربان - كرغيف وأرغفة ورغفان - قيل: هو في الاصل إسم للوادي، ويستعار للقطعة المتميزة من الارض، ويختلف مقدارها بحسب مقدار الاقاليم، كاختلافهم في مقدار الرطل والكيل والذراع.
وقد تقدم عن الطريحي في المجمع انه قال: وقدر الجريب بستين ذراعا في ستين.
[4] وفي رواية كمال الدين ابن ميثم (ره): " ونسرا كالحمار، وكان ذلك في الخلق الاول فقتلها، وقد قتل الله الجبابرة على أسوء أحوالهم ".
[5] إن بلية العرب يوم بعث الله النبي - صلى الله عليه وآله - التي أهلكتهم هي العصبية العمياء والحمية الجاهلية، وتفرد كل قبيلة بآرائها المنبعثة عن الخرافات الوهمية والعادات الطائفية، والمنافع الشخصية الخيالية، وعدهم الجري على عادات غيرهم - كائنا من كان - عارا وشنارا، ولذا تفرد كل قبيلة بصنم تعبده وتشركه في العبادة مع الله تعالى، وهذه البلية قد تكونت ثانية بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله ولكنها كانت ضعيفة، وكلما تجدد لوالي المسلمين نظر ورأي في قبال الاحكام الالهية والقوانين الشرعية، تجددت للبلية قوة، فزادت قوة بعد قوة حتى ترعرعت في أيام عثمان لكثرة نهمته وشدة حرصه في منافع شخصه وإشباع غرائز قومه، وحملهم على رقاب المسلمين، وحين قتل عثمان كانت هذه البلية في أوان شبابها وغاية قوتها واستحكامها، ولذا