نام کتاب : الأمالي نویسنده : الشيخ المفيد جلد : 0 صفحه : 8
سوى تدريسه و تعليمه حتّى آناء اللّيل كما قاله ابن أبي يعلى.
كلّ ذلك ينبئ عن سداد
إيمانه بالحقّ، و تنمّره في ذات اللّه تعالى، و تصلّبه في الدّين، و عمله لصميم
الحقّ، و تفانيه في الولاء ولاء أيّ ولاء، و لاء النّبيّ و عترته، و صهره و
ذرّيّته- صلوات اللّه عليه و عليهم أجمعين-
و تلاميذه و متخرّجو
مدرسه جماعة بهم يفتخر الفخر و يتشرّف الدّهر، فما منهم إلّا قمر فضل دار في فلك
العلم، و هلال مجد لاح في سماء الفهم و الجدّ و العمل.
أمّا الفقاهة ففيهم
مؤسّس اصولها و مبيّن فروعها. و أمّا البلاغة ففيهم من هو فارس ميدانها و ناظم
دررها بعيقانها. و أمّا الكلام ففيهم من هو ابن- بجدته بل تاريخه و عنوانه و حدقته
و إنسانه. و لكلّ منهم آراء و أقوال تعرض في حلي البيان، و تنقش في فصّ الزّمان
تحفظ و تقرأ، و تذكر و تشكر على وجه الدّهر، و هو في كلّ ذلك رائش نبلهم، و نبعة
فضلهم؛ و صار كلّ واحد منهم إماما يشار إليه، فسبحان واهبه ما أفضل ما أعطاه، ركّب
أوّلا دوحته في قرار المجد، و غرس نبعته في محلّ الفضل، ثمّ منحه قريحة وقّادة مع
دقّة الفطنة، و فضل النبوغ، و كمال العقل، و حدّة الذّكاء فصار في العلم و الفضيلة
بحرا لا تعكره الدّلاء بشهادة الأعداء و إجماع الأولياء، تخاريجه كلّها جيّدة، و
إلزاماته كلّها لازمة، و نظريّاته صائبة، استنار على صفحات الكتب آثار أفكاره
النقّادة، و تلألأ في دياجير الشبهات أنوار قريحته الوقّادة.
موضعه في أقرانه موضع
الواسطة من العقد العسجديّ و يزيد عليهم زيادة الشّمس على البدر، و البحر على
القطر، كأنّهم جسد هو قلبه، و فلك هو قطبه، إن طلب لم يسبق، و إن طلب لم يلحق، كان
أحسنهم و صفا، و ألينهم عطفا، و أكثرهم نبلا، و أخشنهم لباسا، و أجشبهم طعاما، و
أوفرهم من العقل حظّا، و أعلاهم في العلم كعبا، و أشدّهم في سبيل الحقّ اجتهادا.
نام کتاب : الأمالي نویسنده : الشيخ المفيد جلد : 0 صفحه : 8