ثم إن السلطان علاء الدين عظم بلاؤه من التتار و قد شاخ و كبرت سنه، و عجز عن الحركة و النهوض فاشتغل بنفسه عن غيره، فتسلطن عثمان الغازي في البلاد التي افتتحها، و خطب له فيها بالسلطنة ختنه الشيخ أردبالى مولانا طورستان الفقيه، في مدينة قره حصار [68] يوم الجمعة سنة تسع و تسعين و ستمائة، و هي أول خطبة وقعت في الدولة العثمانية- 24- باسم الأمير عثمان الغازي، و قيل بل أجاز له في ذلك السلطان علاء الدين و هو مجاز من الخلفاء العباسيين.
ذكر القسطنطينة العظمى التي فاقت حواضر الدنيا ترتيبا و نظما
إن قلت بلد اتكالا على ما لها من التخصيص في القلب و الخلد، فقد أضعت حقها و يبقى الإحتمال في أن يكون هناك ما هو فوقها، و إن قلت مدينة و اقتصرت، فلا منعت دخول غيرها و لا حصرت، و إن قلت إقليم فقد يشتمل على عمران و خراب و بحران و سراب، و الحق أعلا (كذا) و تأدية الحقوق من إخسارها أولى، و ما رأيت ما يؤدي وصفها و معناها، و ما اشتمل عليه أقصاها و أدناها، إلا ما أجابني به بعض أحبار النصارى الذين بها مستوطنون، و بحضرتها من القديم قاطنون، حيث قلت له ما أعظم هذه المدينة فقال:" لا يقال إنها مدينة، هذه الدنيا"، و الحق قال، إنما هي الدنيا حقيقة، ففيها من الأمور الدنيوية ما تشتهيه الأنفس و تلذ الأعين، فلا يمكن أن تسأل عن شيء غريب إلا تجد منه سوقا.
[68] قره حصار أو قارا حصار و معناه القلعة السوداء، إسم لأماكن و بلدات عديدة غالبها ببلاد الروم تشترك في تأسيسها في أماكن منيعة ذات صخور بركانية داكنة، منها قارا حصار على يوم من أنطاكية و أخرى قرب قيسارية، أما المعنية في النص فتعرف اليوم بكاركاسهير، و هي بلدة في ناحية إسكي شهير منحها السلطان علاء الدين كيقباد لأرطغرل و أتباعه ليستقروا بها كما جاء في المخطوط، و اهتم العثمانيون الأوائل بتعميرها. (معجم البلدانE .,I .,4 ;513 .,4 106 .