النصر و الظفر خلفه و أمامه آمين، و قد كان أعزه الله سمع بقدومنا إلى فاس و هو بمكناسة، فبعث إلينا فخرجنا لملاقاته التي هي أمنيتنا المقصودة و ضالتنا المنشودة، فوردنا عليه و هو مخيم بوادي العطشان فيما بين فاس و مكناسة، فتبركنا بحضرته و التمتع برؤيته، و ختمنا أعمالنا بمشاهدة أنوار طلعته و لله الحمد.
ثم تعاطينا معه أكرمه الله و أعزه أخبار الحرمين الشريفين، و المشرق و الشام و القسطنطينة و غيرها من البلدان التي رأيناها و مررنا بها، و بتنا عنده بمحلته المباركة، و من الغد بعثنا إلى فاس أيضا، و توجه لغرض من مصالح المسلمين في ناحية شراقة، و منها توجه إلى بلاد الحياينة يتفقد أحوال المسلمين من رعيته، فجزاه الله خيرا- 309- على الإسلام و المسلمين.
إرسال ابن عثمان في مهمة تسليم أسرى إلى الجزائر
ثم ورد علينا أمره المطاع بالقدوم عليه، فوردنا عليه و هو مخيم بقرب النخيلة من بلاد الحياينة، فتلاقينا معه أدام الله تعالى عزه، فبقينا مخيمين معه هنالك ثلاثة أيام، و قد كان ورد عليه جمع من أسارى المسلمين بعثهم إليه عظيم الإصبنيول على سبيل الإهداء و الإكرام، لكونه لما عمل الصلح مع أهل الجزائر، و وقع فداء الأسارى بينهما من الجانبين على ما تقتضيه قوانين الصلح، امتنع أمير الجزائر من إعطاء المال في هؤلاء الأسارى كما فعل النصارى في إخوانهم، و لم يقبل أن يفديهم بالنصارى، بل قبض المال في أسارى الإصبنيول الذين عنده، و لم يرد فيهم بدلا بأسير مسلم، و أهمل هؤلاء المسلمين و أبقاهم بأيدي الكافرين فإنا لله و إنا إليه راجعون.
فلما سمع ذلك عظيم الإصبنيول اغتاظ من ذلك، و أعطاه ما أراد من المال في النصارى إخوانه، و جمع هؤلاء الأسارى من المسلمين و بعثهم مجانا إلى سيدنا و مولانا أمير المؤمنين على سبيل الإهداء و الإكرام، لما يعلم من حرصه أيده الله على إنقاذ المسلمين، و أن هدية الأسارى عنده لا يعادلها شيء من هدايا الدنيا. و قد كان عند هذا الجنس من الأسارى الآلاف، فأنقذهم جميعا سيدنا أمير المؤمنين أدام الله علاه و أبقاه و تولاه، منذ عمل