ابن الأمير محمد الباشا الذي* * * شاعت مآثره بكل بلاد
فلقد أجاد بناءها حتى غذت* * * و كأنها طود من الأطواد
الله يجزل أجره و يثيبه* * * عفوا جميلا منه يوم معاد
و يجيزه متن الصراط بفضله* * * و يحفه باللطف و الإسعاد
هذا و إن بناءها قد تم في* * * رجب بعون الله ذي الإمداد
في عام ألف مع ثمانين انقضت* * * تتلو ثمانية بلا ترداد
من هجرة المختار خير مؤمل* * * يوم القيامة يوم فقد الزاد
صلى عليه الله عد الخلق من* * * عرب و عجم حاضر أو باد
حفاوة أهل تستر المورسكيين و تسامر ابن عثمان معهم
و من الغد سافرنا من هذه البلدة فنزلنا بظاهر بلدة يقال لها تستر على أربع ساعات، و لما قربنا منها قدم علينا رئيد (كذا) أهل البلد يتطلع أخبارنا، فلما تلاقى معنا سلم علينا و انقلب يشتد إلى أهل البلد، فخرج أهلها بعلاماتهم و طبولهم كبارا و صغارا، و بالغوا في الترحيب و الفرح و إبداء البشاشة كأنهم من صميم الإخوان جازاهم الله خيرا، استمروا معنا في تلك الهيئة- 303- إلى موضع النزول، و بنيت الخيام و نزلنا و أتوا في الحين بأطعمة كثيرة كانوا معتدين لها، و بالعلف و بالغوا في الإكرام، و في الليل كذلك أتوا بطعام كثير.
و جل أهل هذه البلدة من الأندلس في غاية الحضرية و الأدب و حسن الأخلاق، و لا زالوا يسألون عن بلادهم بالأندلس و قد كنت على بصيرة بها لما رحلت إليها عام ثلاثة و تسعين و مائة و ألف [474]، فكنت أخبرهم عن بلادهم و أرضهم و ينشرحون لذلك، و كل واحد يقول أنا من البلد الفلانية و يطلب مني وصفها فأصفها له، فينشرحون بما يحصل لهم من التأصل في الحضرية، و لا سيما من كان منهم بلاده من القواعد العظام مثل قرطبة
[474] يشير هنا إلى سفارته الأولى إلى إسبانيا سنة 1799- 1780 موضوع كتابه" الإكسير في فكاك الأسير".