و السياسي، في حين أن الثانية روحية أساسا" [3]، فضلا عما يزخر به المخطوط من موضوعات تنم عن ثقافة إسلامية واسعة، بحيث أظهر ابن عثمان إطلاعا كبيرا في الحديث و التصوف و الفقه و الأدب و علوم اللسان [4].
و مما يضفي على الإحراز مزيدا من القيمة العلمية ما أبداه واضعه من شغف للعلم و المعرفة، فلم يكن يتردد في السؤال و الاستفسار، مما مكنه من الحصول على معلومات من أصولها ضمنها مؤلفه، فزاده ذلك غنى و تنوعا و طرافة.
موجز القول أن تعويلنا على تحقيق و دراسة كتاب إحراز المعلى و الرقيب يعزى إلى قناعتنا بما سيقدمه من مساهمة جديدة في التعريف بالإرث التاريخي المغربي المكتوب، و ذلك من حيث كونه نموذجا أصيلا للرحلة العامة حسب تصنيف محمد الفاسي، لما جمعته من أغراض شتى فهي" حجازية سياحية اكتشافية سفارية زيارية علمية [5].
و لا عجب في أن نقف على مخطوط في مثل هذه الأهمية إذا علمنا مكانة و قدر صاحبه، ذلك السفير و الوزير الذي اكتسب رصيدا ثقافيا غير عادي، و حنكته تجاربه و احتكاكاته مع الدوائر العليا في كثير من البلدان، مما جعله ملاحظا دقيقا و ناقدا مصيبا لما كان يقف عليه في رحلاته التي تعكس شخصيته و مؤهلاته الثقافية و الدبلوماسية.
2- اهتمام المؤرخين بالإحراز و مكانته بين مصادر تاريخ الفترة
من المفارقات التي ميزت تراث محمد بن عثمان المكناسي أن رحلته المشرقية التي بينا بعض الجوانب من أهميتها، لم تنل ما تستحقه لدى النخبة
Benaboud, M., The Spiritual Dimension in Ibn Utman Al- Maknasi's Account Of Jerusalem( 81 th century ), in la vie sociale dans les provinces arabes a l' epoque ottomane, vol. 3, Zaghouane 8891, p. 77.