حينما يتناول الفقيه مسألة كمسألة الإِقامة للصلاة، و يحاول استنباط حكمها يتساءل في البداية: ما هو نوع الحكم الشرعي المتعلق بالإِقامة؟
فان حصل على دليل يكشف عن نوع الحكم الشرعي للإقامة كان عليه ان يحدد موقفه العملي و استنباطه على أساسه، فيكون استنباطا قائما على أساس الدليل.
و ان لم يحصل الفقيه على دليل يعين نوع الحكم الشرعي المتعلق بالإقامة فسوف يظل الحكم الشرعي مجهولا للفقيه و في هذه الحالة يستبدل الفقيه سؤاله الأول الّذي طرحه في البادية بسؤال جديد كما يلي: ما هي القواعد التي تحدد الموقف العملي تجاه الحكم الشرعي المجهول؟ و هذه القواعد تسمى بالأصول العملية، و مثالها أَصالة البراءة، و هي القاعدة القائلة ان كل إِيجاب أَو تحريم مجهول لم يقم عليه دليل فلا أَثر له على سلوك الإنسان و ليس الإنسان ملزما بالاحتياط من ناحيته و التقيد به، و يقوم الاستنباط في هذه الحالة على أَساس الأصل العملي بدلا عن الدليل و الفرق بين الأصل و الدليل ان الأصل لا يحرز الواقع و انما يحدد الوظيفة العملية تجاهه و هو نحو من الاستنباط و لأجل هذا يمكننا تنويع عملية الاستنباط إلى نوعين: أحدهما الاستنباط القائم على أَساس الدليل، كالاستنباط المستمد من نصّ دال على الحكم الشرعي، و الاخر الاستنباط القائم على أساس الأصل العملي كالاستنباط المستمد من أصالة البراءة.