القائمة في اللغة بين اللفظ و المعنى الموضوع له كفيلة بتحقيق هذا الغرض.
و أما الاستعمال المجازي فهو لا ينقل ذهن السامع إلى المعنى المجازي مباشرة، إذ لا توجد علاقة لغوية و سببية بين لفظ البحر و العالم، فيحتاج المستعمل لكي يحقق غرضه في الاستعمال المجازي إلى قرينة تشرح مقصوده، فإذا قال مثلا: «بحر في العلم» كانت كلمة «في العلم» قرينة على المعنى المجازي، و لهذا يقال عادة إن الاستعمال المجازي يحتاج إلى قرينة دون الاستعمال الحقيقي.
و نميز المعنى الحقيقي عن المعنى المجازي بالتبادر من حاقّ اللفظ، لأن التبادر كذلك (1) يكشف عن الوضع كما تقدم.
قد ينقلب المجاز حقيقة:
و قد لاحظ الأصوليون (2) بحقّ أن الاستعمال المجازي- و إن كان يحتاج إلى قرينة في بداية الأمر- و لكن إذا كثر استعمال اللفظ في المعنى المجازي بقرينة و تكرّر ذلك بكثرة قامت بين اللفظ
(2) يريد أن يقول هنا بأنه قد ينقلب المجاز حقيقة بكثرة الاستعمال فيستغنى عن القرينة، كما كان المعنى الحقيقي للصلاة هو الدعاء و المجازي هذه الصلاة المعهودة، و كانوا يستعملون قرينة لافادة معنى الصلاة المعهودة، لكن بعد كثرة الاستعمال استغني عن القرينة و صار معنى الصلاة المعهودة معنى حقيقيا لحصول قرن أكيد بين لفظة صلاة و هذه الصلاة المعهودة.