«مستعملا فيه» و إرادة المستعمل إخطار المعنى في ذهن السامع عن طريق اللفظ «إرادة استعمالية».
و يحتاج كل استعمال إلى تصور المستعمل للفظ و للمعنى، غير أن تصوره للفظ يكون عادة على نحو اللحاظ الآلي المرآتي و تصوره للمعنى على نحو اللحاظ الاستقلالي، فهما كالمرآة و الصورة، فكما تلحظ المرآة و أنت غافل عنها- حينما يكون كل نظرك إلى الصورة- كذلك تلحظ اللفظ بنفس الطريقة أي بما هو مرآة للمعنى و أنت غافل عنه حينما يكون كل نظرك إلى المعنى.
فإن قلت: كيف ألحظ اللفظ و أنا غافل عنه! هل هذا إلّا تناقض؟
أجابوك: بأنّ اللحاظ المرآتي للفظ هو إفناء للفظ في المعنى، أي أنك تلحظه مندكّا في المعنى. هذا النحو من لحاظ شيء فانيا في شيء آخر يجتمع مع الغفلة عنه.
و على هذا الأساس ذهب جماعة كصاحب الكفاية ; إلى استحالة استعمال اللفظ في معنيين و ذلك لأن هذا يتطلب افناء اللفظ في هذا المعنى و في ذاك، و لا يعقل إفناء الشيء الواحد مرتين في عرض واحد (1).
فإن قلت: بامكاني أن أوحّد بين المعنيين (2) بأن أكوّن منهما
(1) أي لا يعقل أن تقول: رأيت أمس عينا و تقصد بالعين عينا نابعة و عين إنسان و جاسوسا.
(2) فبدل أن تقول اشتريت ورقا مكتوبا عليه و جلدا تقول لفظة واحدة و هي «كتابا».