عالم أن يتفكر في أحواله و أعماله و ما أريد منه، و في عظم خطره حتى تنكسر نفسه، و يظهر خوفه و حزنه و يبطل كبره و عجبه.
و أما (العجب بالعبادة و الطاعة) :
فعلاجه أن يعلم أن الغرض من العبادة هو إظهار الذل و الانكسار، و صيرورتهما ملكة للنفس ليحصل له معنى العبودية و حقيقتها، فالعجب لمنافاته الغرض المقصود منها يبطلها، و بعد بطلانها فلا معنى للعجب بها و أيضا آفات العبادة الموجبة لحبطها كثيرة، و كذلك شرائطها و آدابها التي لا يصح بدونها كثيرة، فيمكن أن تدخلها بعض الآفات، أو تفقد عنها بعض الشرائط و الآداب، فلا تكون مقبولة عند اللََّه، و مع إمكان ردها و عدم قبولها كيف يعجب العاقل بها؟و من يمكنه القطع بسلامة طاعاته و عباداته عن جميع الآفات؟و من قطع بذلك فهو في غاية الجهل بحقائق الأمور. على أن فائدة العبادة إنما هو إذا كان عند اللََّه سعيدا، و من جوز أن يكون عند اللََّه شقيا، و قد سبق القضاء الآلهي بشقوته، فأي نفع يتصور لعبادته حتى يعجب بها؟و لا ريب في أنه لا يخلو عبد عن هذا التجويز، فما لأحد إلى العجب و التكبر في حال من الأحوال سبيل.
و أما (العجب بالورع، و التقوى، و الصبر، و الشكر، و السخاوة، و الشجاعة، و غيرها من الفضائل النفسية) :
فعلاجه أن يعلم أن هذه الفضائل إنما تكون نافعة و منجية إذا لم يدخلها العجب، و إذا دخلها العجب أبطلها و أفسدها، فما للعاقل أن يرتكب رذيلة تضيع ما له من الفضائل، و أنى له لا يظهر الذلة و التواضع في نفسه حتى يزيد فضيلة على فضائلها، و يختم لأجلها الجميع بالخير، و تصير عاقبته محمودة، و تكون مساعيه مقبولة مشكورة. و ينبغي أن يعلم أن كل واحد من الفضائل التي يثبتها لنفسه موجودة مع الزيادة في كثير من بني نوعه، و إذا علم اشتراك الناس معه في هذه الفضيلة زال إعجابه بها. و قد نقل أن