قد عرفت أن الثبات أخص من كبر النفس، و هو ملكة التحمل على الخوض في الأهوال، و قوة المقاومة مع الشدائد و الآلام، بحيث لا يعتريه الانكسار، و إن زادت و كثرت. و ضده الاضطراب في الأهوال و الشدائد، و من جملة الثبات الثبات في الإيمان، و هو اطمئنان النفس في عقائدها، بحيث لا يتزلزل فيها بالشبهات، قال اللّه تعالى:
و هذا الاطمئنان من شرائط كسب الكمال و فضائل الأعمال، إذ ما لم تستقر النفس على معتقداتها في المبدإ و المعاد لم يحصل لها العزم البالغ على تحصيل ما يتوقف فائدته عليها فمن ليس له هذا الثبات لا تجده ثابتا و مواظبا على شيء من الأعمال الفاضلة، بل هو:
و المتصف به مواظب لها دائما من غير فتور. و عدم هذا الثبات لعدم البصيرة الباطنة أو لضعف في النفس. فوجوده يحصل من المعرفة و قوة النفس، فهو من فضائل العاقلة و قوة الغضب، و عدمه من رذائل إحداهما أو كليهما،