قد استفاضت الأخبار [1] عن الأئمّة الأخيار- (صلوات اللّه عليهم)- بمعذوريّة الجاهل في جملة من الأحكام إلّا مواضع مخصوصة، و المشهور بين الأصحاب- رضوان اللّه عليهم- عدم المعذورية إلّا في مواضع مخصوصة، كحكمي الجهر و الاخفات، و القصر و الاتمام. و فرّعوا على ذلك بطلان صلاة الجاهل، و هو من لم يكن مجتهدا و لا مقلّدا؛ حيث أوجبوا معرفة واجب الصلاة و ندبها، و ابقاء كلّ منهما على وجهه، و أنّ تلك لا بدّ أن تكون عن أحد ذينك الوجهين المذكورين.
فصلاة المكلّف بدون اجتهاد أو تقليد باطلة عندهم و إن طابقت الواقع، و طابق اعتقاده و إيقاعه للواجب و الندب ما هو المطلوب شرعا.
و ممن صرح بذلك الشهيدان [2]- (رحمهما اللّه)- في مواضع من مصنّفاتهما، و خالف في ذلك جمع من متأخري المتأخرين، منهم المولى الأردبيلي، و تلميذه السيّد السند صاحب (المدارك) و المحدّث الكاشاني، و المحدّث الأمين الأسترآبادي [3]، و الفاضل المحدث العلّامة السيّد نعمة اللّه الجزائرى، و شيخنا
[1] انظر وسائل الشيعة 15: 369، أبواب جهاد النفس، ب 56.
[2] الألفيّة في الصلاة اليوميّة: 22- 23، روض الجنان: 248.