يقينا و يعلم منه عدم صدور ذنب منه] [1] -فإنّ وعظ من لا يتّعظ لا ينجع [2] ؛ لأنّ فعله يكذب قوله-و ذلك ليس إلاّ المعصوم.
و إنّما يحصل الأوّل بشيئين:
الأوّل: الفكر اللطيف.
الثاني: جعل النفس لهيبة اللّه ذات خشوع و رقّة منقطعة عن الشواغل الدنيوية، معرضة عمّا سوى الحقّ، جاعلة جميع الهموم همّا واحدا، و هو طلب وجه اللّه تعالى لا غير.
و هذا لا يحصل إلاّ بمعرفة طريقه يقينا، و ليس ذلك إلاّ من المعصوم كما تقدّم من التقرير [3] .
فقد ثبت الاحتياج إلى المعصوم في هذه المراتب كلّها.
إذا تقرّر ذلك فنقول: قد وجد من اللّه تعالى القادر على جميع المقدورات، العالم بجميع المعلومات، إرادة التوكّل، فيريد ما يتوقّف عليه؛ لأنّ إرادة المشروط يستلزم إرادة الشرط مع العلم بالتوقّف[و استحالة] [4] المناقضة، فيجب نصب المعصوم في كلّ زمان؛ لوجود القدرة و الداعي و انتفاء الصارف، فيجب وجود الفعل.
الثامن و الثلاثون:
اعلم أنّ القوّة الحيوانية التي هي مبدأ الإدراكات و الأفاعيل الحيوانية في الإنسان إذا لم يكن لها طاعة القوّة العقلية ملكة كانت بمنزلة بهيمة غير مرتاضة تدعوها شهواتها تارة و غضبها تارة، اللذان يهيّجهما القوّة المتخيّلة
[2] يقال: أنجع إذا نفع. و نجع فيه القول و الخطاب و الوعظ: عمل فيه و دخل و أثّر. لسان العرب 14: 55-نجع.
[3] تقدّم في الوجه الأوّل من الدليل الخامس و العشرين، و الدليل السادس و الأربعين، و الدليل الخمسين، و في الوجه الثاني من الدليل الستّين من المائة الأولى.