و هو قول عمر بن الخطاب رضى اللّه عنه و لا خلاف ان موضع قبره افضل البقاع 6 لما وردان كلا يدفن في تربته التي خلق منها و هو 6 أفضل المخلوقات فتعين أنها افضل البقاع و اللّه اعلم
«فمما ورد في فضل مكة» من الآيات و الاحاديث قوله تعالى وَ إِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَ أَمْناًو قال تعالى إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَ هُدىً لِلْعالَمِينَ فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناًو قال تعالي أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَ يُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْو قال تعالي إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهاو قال تعالى أَ وَ لَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا. و الآيات الواردة في هذا المعنى كثيرة غير منحصرة.
[مطلب في الكلام على ما ورد في فضل مكة]
و اما الاحاديث فروينا في صحيح البخاري عن ابن عباس رضى اللّه تعالى منهما قال قال رسول اللّه (صلى اللّٰه عليه و آله و سلم) يوم فتح مكة إن هذا البلد حرمه اللّه أو سبع و تسعين أقوال و توفي سنة سبع و تسعين و مائة (و لا خلاف ان موضع قبره أفضل البقاع) الارضية و السمائية بل أفضل من العرش و الكرسى كما جزم غير واحد من أصحابنا و غيرهم (لما ورد ان كلا يدفن في تربته الى آخره) اخرجه الترمذي الحكيم في نوادر الاصول من حديث أبي هريرة قال العلماء و هو أحسن ما يستدل به على تفضيل مدفنه 6 على سائر البقاع حتى موضع الكعبة المشرفة و العرش و الكرسى كما مر آنفا و على فضيلة أبي بكر و عمر رضى اللّه تعالى عنهما لانهما خلقا من تلك الطينة و خلق منها عيسى أيضا كما سيأتي انه يدفن ثم (وَ إِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ) يعني الكعبة (مَثابَةً لِلنَّاسِ) أي معاذا و ملجأ قاله ابن عباس أو مرجعا لهم يثوبون إليه من كل جانب و يحجونه قاله مجاهد و سعيد بن جبير أو مجتمعا قاله قتادة و عكرمة (وَ أَمْناً) أي يأمنون فيه من اذى المشركين (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ) أي أوّل بيت ظهر على الماء عند خلق السماء و الارض (لَلَّذِي بِبَكَّةَ) هي مكة نفسها قاله جماعة أو بكة موضع البيت و مكة اسم البلد كله و قيل بكة موضع البيت و المطاف (مُبارَكاً) منصوب على الحال أى ذا بركة (وَ هُدىً لِلْعالَمِينَ) أي لأنه قبلة المؤمنين (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ) قرأ ابن عباس بينة لقوله (مَقامُ إِبْراهِيمَ) و لم يذكر سواه و الآخرون بالجمع على انه أراد مقام ابراهيم و غيره من الآيات التي ثم فاقتصر عليه لفظا و منه الحجر الاسود و زمزم و الحطيم و غير ذلك (وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) أي لا يباح فيه و ذلك بدعاء ابراهيم حيث قال رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً(وَ يُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ) يعني العرب يسبي بعضهم بعضا و أهل مكة آمنون (الَّذِي حَرَّمَها) أي جعلها حرما آمنا لا يسفك فيها دم و لا يظلم فيها أحد و لا يصاد صيدها و لا يختلا خلاها (يُجْبى إِلَيْهِ) أي يجلب و يجتمع (فروينا في صحيح البخاري عن ابن عباس) أخرجه عنه مسلم و أبو داود أيضا (ان هذا البلد حرمه اللّه) زادوا في رواية يوم خلق السموات و الارض ففيه ان تحريمها من أوّل الزمان كما عليه الاكثرون و أجابوا عن قوله ان ابراهيم حرم مكة و هو في صحيح مسلم من حديث جابر بأن تحريمها كان خفيا فأظهره ابراهيم و أشاعه لا انه ابتدأه و قيل بل ابتدأه