فاتضح بفضل الله سبحانه غاية الوضوح ان الآية الكريمة في مقام تشريع نافلة الليل و هي محكمة لم تنسخ فيسقط ما ذكره الجصاص انها كانت فريضة ثم نسخت بقوله تعالى فَاقْرَؤُا مٰا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ فصارت طوعا و تسقط ما ذكره الزمخشري في تفسير فَاقْرَؤُا مٰا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ان هذا ناسخ للأول ثم نسخا جميعا بالصلاة المكتوبات انتهى ملخصا.
بيان التحية مثل التذكرة و التخلية من باب التفعيل و معناه مقدمة شيء من الدعاء و الثناء و البر و الإحسان إلى الغير و الباء للتعدية إلى مفعول ثان و قيل أن التنوين فيها للتنويع و من العجيب كما في المجمع و القاموس ان معناه السلام و أعجب منه تفسير السلام بالبقاء و السلامة من الموت و وجه هذا التفسير و التوجيه انهم لما قالوا أن معناه السلام و التحية مشتق من حي فلا بد من تسرية حقيقة الحياة و مفادها الى السلام أيضا).
و التحقيق ما ذكرناه أن معناه تقديم شيء من العطاء و الإكرام و الدعاء و الثناء الى الغير فعليه يكون السلام من أفراد التحية و مصاديقها قال تعالى أُوْلٰئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمٰا صَبَرُوا وَ يُلَقَّوْنَ فِيهٰا تَحِيَّةً وَ سَلٰاماً الفرقان 75 فعطف سلاما على تحية من باب عطف الخاص على العام فإن لأهل الجنة مواهب و عطايا تحية من عند الله و لهم من الله أو من الملائكة سلاما أيضا ففي كنز العرفان عن تفسير علي بن إبراهيم عن الصادقين (ع) ان التحية هنا السلام و غيره من البر و في القلائد عن المناقب عن أنس قال جاءت جارية للحسن (ع) بطاقة ريحانة فقال لها أنت حرة لوجه الله فقلت له في ذلك فقال أدبنا الله عز و جل فقال إِذٰا حُيِّيتُمْ. الآية.
و فيه أيضا عن الخصال فيما علم أمير المؤمنين (ع) أصحابه إذا عطس أحدكم فليقولوا يرحمكم الله و يقول هو يغفر لكم و يرحمكم قال الله تعالى وَ إِذٰا حُيِّيتُمْ. الآية.
فالآية الكريمة ظاهرة بحسب إطلاق الأمر في وجوب المقابلة بالأحسن أوردها بعين ما يماثلها كما إذا كانت التحية بتقديم عين من الأعيان لا بالقول و اللفظ فقط.
لاستحالة ردها بعينها في بعض الموارد و التحية أيضا مطلقة إطلاقا انواعيا اي نوع كان منها في جميع الأحوال و الأوضاع.