لو لم يكن المقصود معظماً، وإن تكرر القصد أو توفر بعض الخصوصيات الأخرى المتقدمة.

وجدير بالتنبيه أن كلمات اللغويين مشوبة غالباً بالاجتهاد ولا تخلو في معظم الحالات عن الحدس وإعمال النظر، وربما تعبر عن انطباعات شخصية ليس لها حظ من الواقع. ولذلك لا بد من حشد الشواهد والقرائن للتوصل بالاستعانة بها ومن خلال تتبع موارد الاستعمال في عصر صدور النصوص إلى المعنى الأصلي للكلمة.

وكيفما كان فالأقرب ــ كما مرّ ــ كون المعنى الأصلي للحج هو التوجه إلى مكان مقدس أو شخص معظم. ويؤكد ذلك ما ورد في بعض المصادر [1] من: (أن كلمة حج من الكلمات السامية الأصيلة العتيقة، وقد وردت في كتابات مختلف الشعوب المنسوبة إلى بني سام، كما وردت في مواضع من أسفار التوراة. وهي تعني قصد مكان مقدس وزيارته) وسيأتي مزيد توضيح لهذا في بحث لاحق.

هذا فيما يتعلق بالمعنى الأصلي للحج.

وأما المعنى المستجد، وهو الذي قد يعبر عنه بالمعنى الشرعي، فقد اختلفوا فيه، فقد عرّف المحقق الحلي (قدس سره) [2] الحج بأنه: (مجموع المناسك المؤداة في المشاعر المخصوصة)، وعرّفه العلامة الحلي (قدس سره) [3] بأنه: (القصد إلى بيت الله تعالى بمكة مع أداء مناسك مخصوصة). وتردد الشيخ الأعظم الأنصاري (قدس سره) بين الوجهين قائلاً [4] : (يمكن ترجيح الأول للتبادر، وقوله تعالى: ((وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)) ونحوها. والثاني لكونه أنسب بالمعنى اللغوي، ويؤيده [5] إضافة الحج كثيراً في الكتاب والسنة) فإنه لا معنى للإضافة إذا كان اسماً للمناسك.

[1] المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج:6 ص:347.

[2] شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام ج:1 ص:163.

[3] قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام ج:1 ص:397.

[4] كتاب الحج ص:5.

[5] وجعله (قدس سره) مؤيداً لأن في إطلاقه على كلا المعنيين ــ القصد والمناسك ــ عناية، ولكن العناية في الثاني أزيد.