نام کتاب : أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك نویسنده : خير الدين التونسي جلد : 1 صفحه : 144
فجذبه من ردائه حتّى أثّر في عاتقه الشريف، ثمّ قال: «إنّكم يا بني عبد المطلب قوم مطل». فانتهزه عمر و شدّد عليه في القول حيث لم يتوخّ الرفق في الطلب. فقال له رسول اللّه- (صلّى اللّه عليه و سلّم)-: «أنا و هو كنّا أحوج إلى غير هذا منك يا عمر، تأمرني بحسن القضاء، و تأمره بحسن التّقاضي». ثمّ قال: «لقد بقي من أجله ثلاث»، و أمر عمر أن يقضيه ماله و يزيده عشرين صاعا لما روّعه، فكان سبب إسلامه- رضي اللّه عنه-.
و ورد أيضا أنّ يهوديا أتى عمر بن الخطاب- رضي اللّه عنه- يطلب عليّا- (كرّم اللّه وجهه)- في حقّ، و كان علي عنده، فقال له عمر: قم يا أبا الحسن [39] و اجلس مع خصمك»، فرأى في وجه عليّ الغضب. فلمّا انفصلت النازلة قال له عمر ما معناه: «تغضب لطلب أن تساوي خصمك!» فقال له علي: «ما غضبت لذلك، و إنما كرهت تكنيتك لي بمحضر خصمي».
فالحاكم إذا كانت ديانته تلزمه الاتّباع للشريعة بمقتضى الوازع الديني، و الاقتداء بمن سلف من الخلفاء الراشدين، الذين هم نجوم الاهتداء، كيف يتوهّم منه ترجيح جانب المسلم على غيره.
و بعد هذا لم يبق لمن له إنصاف من الأوروباويين أن لا يرى فيما ذكرناه ضمانة [115] كافية لحفظ الحقوق، كما أنّه لا يتأتّى له أن يرى إمكان إجراء القوانين على وجه يثمر النتائج المقصودة منها، مع امتناع بعض السكّان من المساواة فيها، لا سيّما و الممتنع بيده غالب الصناعات و المتاجر.
30- تنفير النصارى للرعايا المسلمين من قبول التنظيمات:
ثمّ إنّهم لم يكتفوا في التعطيل بذلك الامتناع، حتّى صار بعضهم ينفّر رعايا بعض الممالك الإسلامية من قبول التنظيمات التي رام ملوكها تأسيسها، بأن