نام کتاب : الاسلام دين الفطرة نویسنده : منتظري، حسينعلي جلد : 1 صفحه : 195
الدنيا تعتبر بمثابة مزرعة بالنسبة الي الاخرة . "الدنيا مزرعة الاخرة".[1] فما نزرعه
في هذه الدنيا نحصده في تلك الدار الاخرة . والدنيا فرصة ليتزود الانسان فيها بالزاد
والمتاع للطريق الطويل الذي ينتظره في عالم الاخرة . و يمكن القول بعبارة أخري : ان
الدنيا مقطع من حياة طويلة، بل هي مقطع ضروري لكي يكتنز كل شخص فيها علي قدر
همته واستعداده ما ينجيه و يرفعه في عالم الاخرة .
و في المقابل تعتبر الاخرة ذات أهمية بالغة بالمقارنة مع الدنيا، بحيث وصف عزوجل
الدنيا باللعب و اللهو.[2] و في ضوء ذلك يجدر بالانسان أن لايستبدل الدار الابدية بما هو
لعب و لهو، و الا فانه يبقي بلا مأوي .[3] نص القرآن صراحة علي أن عالم الاخرة أفضل
من الدنيا، بل ان هذه الحقيقة صرحت بها التوراة وصحف ابراهيم (ع).[4] والاخرة حياة
أبدية و لا حكم فيها الا لله، و لا أمر و لا نهي لاحد الا باذنه . يمثل وجود عالم الاخرة
تلبية لحاجة بشرية، و فضلا عن ذلك فان له تأثيرا حاسما في وجود الناس لانه يبعث
علي السيطرة علي سلوكه من الداخل، و يردعه عن اقتراف المفاسد، و يغرس في ذاته
الامل باستمرار الحياة . و لاشك في أن انعدام وجود عالم آخر يطفئ جذوة الامل في
نفس الانسان و يشعره بالفراغ والضياع والعبثية، و لكن الاخرة تبعث في نفوس
الصالحين الامل بحسن الجزاء، وتضئ في نفوس المظلومين الامل بالحصول علي
حقوقهم يوما ما. و تجعل الظلمة والمجرمين يستشعرون الخوف والهلع .
لاشك في أن الاعتقاد بعدم وجود عالم آخر من شأنه أن يؤدي الي أن يصبح هذا
العالم مليئا بالقهر والظلم، و يجعله خاليا من أية مشاعر معنوية .
أجل الانسان
الانسان مثل أي مخلوق مادي آخر له مدة معينة للعيش في هذه الدنيا، و هو ما يعبر
[1] ورام بن أبي فراس، مجموعة ورام، ج 1، ص 183 ; ابن أبي جمهور، عوالي اللئالي ، ج 1، ص 267، الحديث 66 .
[2] سورة الانعام (6)، الاية 32 ; سورة العنكبوت (29)، الاية 64 .
[3] سورة البقرة (2)، الاية 86 .
[4] سورة الاعلي (87)، الايات 17 - 19 .
نام کتاب : الاسلام دين الفطرة نویسنده : منتظري، حسينعلي جلد : 1 صفحه : 195