و بلغ عمرو بن الحجاج أن هانيا قتل و كانت أخته روعة تحت هاني و هي أم يحيى بن هاني فأقبل في جمع من مذحج و احاط بالقصر فلما علم به ابن زياد أمر شريح القاضي [1] أن يدخل على هاني و يعلمهم بحياته، قال شريح لما رآني هاني صاح بصوت رفيع: يا للمسلمين إن دخل علي عشرة انقذوني فلو لم يكن معي حميد بن أبي بكر الأحمري و هو شرطي لأبلغت أصحابه مقالته و لكن قلت إنه حي فحمد اللّه عمرو بن الحجاج و انصرف بقومه [2] .
نهضة مسلم
و لما بلغ مسلما خبر هاني خاف أن يؤخذ غيلة فتعجل الخروج قبل الأجل الذي بينه و بين الناس و أمر عبد اللّه بن حازم أن ينادي في أصحابه و قد ملأ بهم الدور حوله فاجتمع إليه أربعة آلاف ينادون بشعار المسلمين يوم بدر: «يا منصور أمت» .
ثم عقد لعبيد اللّه بن عمرو بن عزيز الكندي على ربع كندة و ربيعة و قال سر أمامي على الخيل و عقد لمسلم بن عوسجة الأسدي على ربع مذحج و أسد و قال:
انزل في الرجال و عقد لأبي ثمامة الصائدي على ربع تميم و همدان و عقد للعباس بن جعدة الجدلي على ربع المدينة.
و أقبلوا نحو القصر فتحرز ابن زياد فيه و غلق الأبواب و لم يستطع المقاومة لأنه لم يكن معه إلا ثلاثون رجلا من الشرطة و عشرون رجلا من الأشراف و مواليه، لكن نفاق الكوفة و ما جبلوا عليه من الغدر لم يدع لهم «علما» يخفق فلم يبق من الأربعة آلاف إلا ثلثمائة [3] .
[1] ذكر خليفة بن عمرو في كتاب الطبقات ج 1 ص 330 رقم 1037 أنه من (الابناء) الذين باليمن و عداده في كندة مات سنة 76 هـ و في التعليق على الطبقات لسهيل زكار ص 16 ج 1 قال: «الأبناء هم ولد الفرس الذين اتوا مع سيف بن ذي يزن لمساعدته على طرد الأحباش و الأبناء في اليمن يشكلون طبقة خاصة فإن آباءهم فرس و أمهاتهم عربيات» .
[2] الطبري ج 6 ص 206 و عند ابن نما و ابن طاووس اسمها رويحة بنت عمرو بن الحجاج.