من ذلك قوله عزّ و جلّ: الم... مذهب الخليل و سيبويه [1] في «الم» و ما أشبهها أنها لم تعرب لأنها بمنزلة حروف التهجّي فهي محكيّة و لو أعربت ذهب معنى الحكاية و كان قد أعرب بعض الاسم، و قال الفراء: [2] إنما لم تعرب لأنك لم ترد أن تخبر عنها بشيء، و قال أحمد بن يحيى [3] : لا يعجبني قول الخليل فيها لأنك إذا قلت: زاي فليست هذه الزاي التي في زيد لأنك قد زدت عليها. قال أبو جعفر: هذا الرّدّ لا يلزم لأنك لا تقدر أن تنطق بحرف واحد حتى تزيد عليه. قال ابن كيسان:
«الم» في موضع نصب بمعنى اقرأ «الم» أو عليك «الم» و يجوز أن يكون موضعه رفعا بمعنى: هذا الم أو هو أو ذاك. ثم قال عزّ و جلّ:
ذََلِكَ فيه ستة أوجه: يكون بمعنى هذا ذلك الكتاب، فيكون خبر هذا و يكون بمعنى «الم ذلك» هذا قول الفراء [4] أي حروف المعجم ذلك الكتاب و اجتزئ ببعضها من بعض، و يكون هذا رفعا بالابتداء و اَلْكِتََابُ خبره، و الكوفيون يقولون: رفعنا هذا بهذا و هذا بهذا، و يكون «الكتاب» عطف البيان الذي يقوم مقام النعت و هُدىً
[3] أحمد بن يحيى ثعلب: إمام الكوفيين في النحو و اللغة، حفظ كتب الفرّاء، و لازم ابن الأعرابي بضع عشرة سنة و اعتمد عليه في اللغة، و على سلمة بن عاصم في النحو. صنّف: المصون في النحو، و اختلاف النحويين، و معاني القرآن، معاني الشعر، القراءات، التصغير، الوقف و الابتداء، الهجاء، الأمالي، غريب القرآن، و غيره (ت 291 هـ) . ترجمته في: (بغية الوعاة 1/396، و طبقات الزبيدي 155) .