ترنا من الفرقة ما رأينا ، ولم تسلّط عدوّك وعدونا علينا ، لكن أنت أرحم من أن تؤاخذنا بما جنينا ، وأكرم من أن لا تهب حقوقك إلينا [١].
وأشرت أيها الأخ الكريم إلى استراحة إليّ ، وتنسّم بما لديّ ، لتبرّد ـ كما زعمت ـ حرّ نفس ، وتقدح زناد قبس ، وهيهات صلد الزند [٢] ، وذوى العرار والرّند ، وأقشع الشؤبوب ، وركد ما كان يظنّ به الهبوب ، فالقلم دفين لا يحشر ، وميّت لا ينشر ، والطبع قد نكص القهقرى ، وقلّ منزله أن يدعى له النّقرى [٣] ، فها هو لا يملك مبيتا ، ولا يجد لقلمه تثبيتا ، وأنت ـ أبقاك الله عزّ وجلّ! ـ بمقتبل الآداب ، طائر هيعة [٤] الشباب ، وأين سنّ السّموّ من سنّ الانحطاط ، ووقت الكسل من وقت النشاط ، وقد راجعتك لا داخلا في حلبتك ، بل قاضيا حقّ رغبتك ، والله تعالى يجعلك بوسيلة العلم مترقيا ، وبجنّة الطاعة متوقّيّا ، ولهناء الأنفس مستقبلا ومتلقيا! بمنّه ، والسلام ، انتهى.
وكتب ، رحمه الله ، إلى سلطان إفريقية الوارث ملك بني عبد المؤمن بتلك النواحي ، المستولي على البلدان والضواحي ، وقد كان لأهل الأندلس أمل في أخذه بثأرهم ، وضمّ انتثارهم ، ما صورته : [الرمل]